(سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ أَكَّالُونَ لِلسُّحْتِ) [المائدة : ٤٢].
٨ ـ وقال تعالى : (فَتَنازَعُوا أَمْرَهُمْ بَيْنَهُمْ وَأَسَرُّوا النَّجْوى) (٦٢).
وقوله تعالى : (فَتَنازَعُوا أَمْرَهُمْ) ، أي : أنّهم تشاوروا في السّرّ ، وتجاذبوا أهداب القول. وهذا معنى جميل لكلمة «التنازع».
٩ ـ وقال تعالى : (فَغَشِيَهُمْ مِنَ الْيَمِّ ما غَشِيَهُمْ) (٧٨).
أقول : في الآية الكريمة ضرب من الإيجاز البليغ في قوله تعالى : (ما غَشِيَهُمْ) من باب الاختصار ، وهذا من جوامع الكلم التي تستقلّ مع قلّتها بالمعاني الكثيرة.
أي غشيهم ما لا يعلم كنهه إلّا الله.
وإذا كانت البلاغة بالإيجاز ، فإن ذلك واضح ، كل الوضوح ، في هذه الآية ، التي جاء الإيجاز فيها مؤذنا بالكثير من المعاني ، التي ينصرف إليها الذهن تصوّرا وتحقّقا.
١٠ ـ وقال تعالى : (فَأَخْرَجَ لَهُمْ عِجْلاً جَسَداً لَهُ خُوارٌ) [الآية ٨٨].
وقوله تعالى : (عِجْلاً جَسَداً) أي : عجلا جسما.
أقول : وهذا من باب الوصف بالاسم الجامد ، على التأويل والمعنى : عجلا ذا جسد أو جسم ، أو مجسّدا مجسّما كما نقول بلغة هذا العصر.
١١ ـ وقال تعالى : (قالُوا لَنْ نَبْرَحَ عَلَيْهِ عاكِفِينَ حَتَّى يَرْجِعَ إِلَيْنا مُوسى) (٩١).
أقول : هذا شاهد في أنّ (لن) النافية الناصبة لا تقتضي التأبيد ، ذلك أن عدم البراح موقوت بالمدة التي هي قبل رجوع موسى.
وقد أردت التنبيه على هذه المسألة التي أشار إليها النّحاة ، وأنكروا على الزمخشري في «مفصّله» أنها تفيد التأبيد ، أقول : أردت التنبيه على هذه المسألة ، لأوكّد ما درج عليه المعاصرون من استعمال هذه الأداة إرادة التأبيد ، كقولهم : لم أقل هذا ولن أقوله.
١٢ ـ وقال تعالى : (فَقَبَضْتُ قَبْضَةً مِنْ أَثَرِ الرَّسُولِ فَنَبَذْتُها) [الآية ٩٦].
قرأ الحسن : (قبضة) بضم القاف ، وهي اسم المقبوض كالغرفة والمضغة.
وأما (القبضة) بفتح القاف فهي المرّة من القبض ، وإطلاقها على المقبوض من باب تسمية المفعول بالمصدر.