وقرئ أيضا : فقبصت قبصة بالصّاد المهملة.
وقيل : من قرأ بالضاد فهو بجميع الكفّ ، ومن قرأ بالصّاد فبأطراف الأصابع. أقول : ليس هذا التفريق وجيها ، وذلك لأنه لم يؤيد في كلام العرب ، وأرى أن الفعل بالضاد كالفعل بالصاد ، وتلك مسألة تتصل ب «اللهجات».
ويؤيّد هذا ما ورد في الآية الكريمة : (إِنَّكُمْ وَما تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ) [الأنبياء : ٩٨].
وقرئت حضب بالضاد المعجمة ، كما قرئت : حطب بالطاء.
١٣ ـ وقال تعالى : (وَانْظُرْ إِلى إِلهِكَ الَّذِي ظَلْتَ عَلَيْهِ عاكِفاً لَنُحَرِّقَنَّهُ ثُمَّ لَنَنْسِفَنَّهُ فِي الْيَمِّ نَسْفاً) (٩٧).
قوله تعالى : (ظَلْتَ) ، والأصل «ظللت» ، فحذفت اللام الأولى ، ونقلت حركتها إلى الظاء.
أقول : أرى أن اللام قد حذفت ، وليس من نقل للحركة ، والحذف للتخفيف ليس غير. ولم نجد نظير هذا الحذف ، في نظائر الفعل من المضاعف.
وقوله تعالى : (لَنَنْسِفَنَّهُ) بمعنى لنذرّينّه.
وفي عربيتنا المعاصرة ، يقال : نسف البناء ، أي أزاله وأفناه.
١٤ ـ وقال تعالى : (قالَ يا هارُونُ ما مَنَعَكَ إِذْ رَأَيْتَهُمْ ضَلُّوا (٩٢) أَلَّا تَتَّبِعَنِ أَفَعَصَيْتَ أَمْرِي) (٩٣).
وقوله تعالى : (أَلَّا تَتَّبِعَنِ) بالنون المكسورة ، وحقّها أن تكون «تتّبعني» بالياء.
أقول : وحذف الياء ، يعني قصر المدّ قليلا ؛ والاجتزاء عنه بالكسرة القصيرة ، ليس مسألة من مسائل رسم المصحف ، بل إنّ هذا الرسم الذي يباح فيه حذف ما لا يحذف ، يؤدّي غرضا صوتيا يتّصل بحسن الأداء ؛ وذاك أن المدّ القصير ، أي : الكسرة أنسب إلى المدّ القصير بعدها ، أي : الفتحة في قوله تعالى : (أَفَعَصَيْتَ) ، وهذا عند الوصل ، الذي هو أولى في هذا الموضع الذي يباح فيه الوقف الجائز.