وَمُوسى) (٧٠) وهارون كان وزيرا لموسى (ع) وتبعا له ؛ قال الله تعالى : (وَجَعَلْنا مَعَهُ أَخاهُ هارُونَ وَزِيراً) (٣٥) [الفرقان]؟
قلنا : إنّما قدّمه ليقع موسى مؤخّرا في اللفظ فيناسب الفواصل ، أعني رؤوس الآيات.
فإن قيل : ما المراد في قوله تعالى : (لا يَمُوتُ فِيها وَلا يَحْيى) (٧٤)؟
قلنا : المراد : لا يموت فيها موتا يستريح به ، ولا يحيا حياة تنفعه ويستلذّ بها. الثاني : أنّ المراد لا يموت فيها موتا متّصلا ، ولا يحيا حياة متصلة ؛ بل كلّما مات من شدّة العذاب ، أعيد حيّا ليذوق العذاب ، هكذا سبعين مرة في مقدار كلّ يوم من أيام الدنيا.
فإن قيل : الخوف والخشية واحد في اللغة ، فلم قال تعالى : (لا تَخافُ دَرَكاً وَلا تَخْشى) (٧٧).
قلنا : معناه لا تخاف دركا : أي لحاقا من فرعون ، ولا تخشى غرقا في البحر.
كما تقول : لا تخاف زيدا ولا تخشى عمرا ، ولو قلت ولا عمرا صحّ وكان أوجز ؛ ولكن إذا أعدت الفعل ، كان آكد ؛ وأما في الآية فلما لم يكن مفعول الخشية مذكورا ، وذكر الفعل ثانيا ليكون دليلا عليه ، وخولف بين اللفظين رعاية للبلاغة. وقيل معناه لا تخاف دركا على نفسك ، ولا تخشى دركا على قومك ؛ والأوّل عندي أرجح.
فإن قيل : قوله تعالى : (وَأَضَلَّ فِرْعَوْنُ قَوْمَهُ) [الآية ٧٩] يغني عن قوله تعالى : (وَما هَدى) (٧٩) ومفيد فوق فائدته فلم ذكر معه؟
قلنا : معناه : وما هداهم بعد ما أضلّهم ، فإنّ المضلّ قد يهدي بعد إضلاله. الثاني : أنّ معناه : وأضلّ قومه وما هدى نفسه. الثالث : أن معناه : وأضلّ فرعون قومه عن الدّين ، وما هداهم طريقا في البحر. الرابع : أنّ قوله تعالى : (وَما هَدى) (٧٩) تهكّم به في قوله لقومه ، كما ورد في التنزيل : (وَما أَهْدِيكُمْ إِلَّا سَبِيلَ الرَّشادِ) (٢٩) [غافر].
فإن قيل : لم قال الله تعالى : (يا بَنِي إِسْرائِيلَ قَدْ أَنْجَيْناكُمْ مِنْ عَدُوِّكُمْ وَواعَدْناكُمْ جانِبَ الطُّورِ الْأَيْمَنَ) [الآية ٨٠] أضاف المواعدة إليهم ؛ والمواعدة ، إنّما كانت