إِذْ يَحْكُمانِ فِي الْحَرْثِ إِذْ نَفَشَتْ فِيهِ غَنَمُ الْقَوْمِ) [الآية ٧٨].
وقوله تعالى : (نَفَشَتْ) ، أي : تفرّقت ليلا. ونفشت الغنم والإبل : رعت ليلا بلا راع ؛ وهذا معنى نادر للفعل «نفش» ، لأنّ النفش تشعيث الشيء بأصابعك حتّى ينتشر.
والنّفش ، بالتحريك ، الصوف والخصب.
١٣ ـ وقال تعالى : (وَذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغاضِباً) [الآية ٨٧].
أي : أنّه «مغاضب» لقومه ، فقد أغضبهم بمفارقته ، لخوفهم حلول العقاب عليهم.
أقول : والمزيد «غاضب» ممّا لم يتيسّر لي أن اقف عليه في غير لغة التنزيل.
١٤ ـ وقال تعالى : (حَتَّى إِذا فُتِحَتْ يَأْجُوجُ وَمَأْجُوجُ وَهُمْ مِنْ كُلِّ حَدَبٍ يَنْسِلُونَ) (٩٦).
الحدب : النشز من الأرض ، أي : المرتفع.
وقوله تعالى : (يَنْسِلُونَ) (٩٦) ، أي : يظهرون ويسرعون.
أقول : وفي لغة المعاصرين يقال : جاءوا من كل حدب وصوب ، أي : جاءوا من كلّ جهة ، وكثيرا ما يخطئون فيسكنون الدال من «حدب».
وكأنّ أصل العبارة ، أنّها قابلت بين «الحدب» وهو النشز المرتفع قليلا ، وبين «الصّوب» الذي يدل على الانصباب والانحدار ، وهو ضدّ التصعيد ، وهو الإصابة والتصوّب أيضا.
١٥ ـ وقال تعالى : (إِنَّكُمْ وَما تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ أَنْتُمْ لَها وارِدُونَ) (٩٨).
قلنا : قرأ ابن عبّاس : حضب جهنم بمعنى الحصب. وهو ما يحصب به ، أي يرمى كالحصى ، وهو المحصوب من باب فعل بمعنى مفعول مثل السّلب ، والحلب ونحو هما.
وقرئ : «الحصب» بإسكان الصّاد ، وهو من باب الوصف بالمصدر.
وقرئ : حطب بالطاء.
ومن المفيد أن نقول : إن «حضب» بالضاد المعجمة ، هو الحطب في لغة اليمن.