(إِذْ يُرِيكَهُمُ اللهُ فِي مَنامِكَ قَلِيلاً) [الأنفال : ٤٣].
أو تشير إلى رؤيا رآها النبي (ص) بدخول المسجد الحرام حاجّا معتمرا قبل صلح الحديبية ، قال تعالى :
(لَقَدْ صَدَقَ اللهُ رَسُولَهُ الرُّؤْيا بِالْحَقِّ لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرامَ إِنْ شاءَ اللهُ آمِنِينَ مُحَلِّقِينَ رُؤُسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ لا تَخافُونَ فَعَلِمَ ما لَمْ تَعْلَمُوا فَجَعَلَ مِنْ دُونِ ذلِكَ فَتْحاً قَرِيباً) (٢٧) [الفتح].
واستدل الجمهور ، بأن الله جعل الإسراء آية كبرى ، وقال (أَسْرى بِعَبْدِهِ) والعبد مجموع الروح والجسد ، ولو شاء لقال : «أسرى بروح عبده».
ثم إن كفار مكّة أنكروا الإسراء ، وارتدّ بعض ضعاف الإيمان بسبب الإسراء ، ولو كان الإسراء مناما ، لما أنكره كفّار مكّة ، ولما ارتدّ بسببه ضعاف الإيمان ، ولما تميّز أبو بكر الصديق رضي الله عنه ، بتصديقه من بين سائر الناس.
وقد ركب الرسول (ص) البراق ، وركوب البراق من خصائص الأجساد ؛ والإسراء في حقيقته معجزة إلهية ، خاصة بالرسول الأمين ؛ ولا حرج على فضل الله ، ولا حدود لقدرته ، فهو سبحانه على كل شيء قدير ، قال شوقي :
يتساءلون وأنت أطهر هيكل |
|
بالرّوح أم بالهيكل الإسراء |
بهما سموت مطهّرا وكلاهما |
|
نور وروحانيّة وبهاء |
وعد الله لبني إسرائيل
بدأت سورة الإسراء بالحديث عن الإسراء بالنبيّ الأمين ؛ والسورة في مجملها تتحدّث عن النبي (ص) وعن القرآن الذي نزل عليه ، وموقف المشركين من هذا القرآن ؛ وفي خلال هذا الحديث ، تستطرد إلى ذكر بني إسرائيل ، والحديث عن ماضيهم وفسادهم في الأرض ؛ وعقوبة الله لهم ، كأنّها تتوعّد كلّ مكذّب ومفسد بالعقاب العادل ؛ وفي هذا تهديد لكفار مكة ، ولكلّ خارج على نطاق الإيمان وشريعة العدل ، والنّظام الإلهي.
ويلاحظ أن وعيد الله لبني إسرائيل ، على إفسادهم في الأرض مرّتين ، لم يذكر في القرآن إلّا في صدر سورة الإسراء.