يَضِلُّ عَلَيْها وَلا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى وَما كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً) (١٥).
ثم ذكر أنه تعالى إذا أراد أن يهلك قرية بذلك العذاب الذي يستعجلونه ، أمر مترفيها ففسقوا فيها ، فحقّ عليها العذاب فدمّرها تدميرا ؛ وأنه كم أهلك من القرون ، بهذا الشكل من بعد نوح (ع) ، وأنه أعلم بذنوب عباده ، فيقدّر لهم وقت عذابهم كما يريد (وَكَفى بِرَبِّكَ بِذُنُوبِ عِبادِهِ خَبِيراً بَصِيراً) (١٧).
ثم ذكر أن من يريد العاجلة عجّل له فيها ، ما يشاء من خير أو شر ، لمن يريد. وليس لأحد أن يتعجّله في شيء ، وأنّ من يريد الاخرة ويسعى لها ، شكر له سعيه ، وأنّه يمدّ كلّا منهما في الدنيا بعطائه ، ولا يحظره عن أحد من عباده ، وأنه يفضّل بعضهم على بعض في هذا العطاء ، وستكون الاخرة أكبر درجات وأكبر تفضيلا.
ثم بيّن بعضا من شريعة القرآن ، في الأصول والفروع والأخلاق ، فنهى عن الشرك به ، وأمر بالإحسان إلى الوالدين ، وبإيتاء ذي القربي حقّه والمساكين وابن السبيل ، ونهى عن التبذير في المال ، وأمر بالاعتذار الحسن عند العجز عن الإحسان ، إلى غير هذا من الأحكام التي ختمها بقوله تعالى : (ذلِكَ مِمَّا أَوْحى إِلَيْكَ رَبُّكَ مِنَ الْحِكْمَةِ وَلا تَجْعَلْ مَعَ اللهِ إِلهاً آخَرَ فَتُلْقى فِي جَهَنَّمَ مَلُوماً مَدْحُوراً) (٣٩) فختمها بالنهي عن الشرك كما ابتدأها به ، وأتبعه بتوبيخهم على نوع خاص من شركهم ، وهو زعمهم أن الملائكة بنات الله ، فذكر أنه لا يصح أن يؤثرهم بالبنين ، ويتّخذ من الملائكة إناثا (إِنَّكُمْ لَتَقُولُونَ قَوْلاً عَظِيماً) (٤٠).
ثم ذكر تعالى أنه صرّف في القرآن هذا التصريف من الكلام في الأصول والفروع والأخلاق ، ليكون فيه موعظة للناس ، ولكنّه لا يزيدهم إلّا نفورا ؛ وأمر النبي (ص) ، أن يذكر لهم دليلا على بطلان الشرك لا يمكنهم أن يماروا فيه ، وهو أنه لو كان معه سبحانه آلهة لابتغوا سبيلا إلى منازعته ، ثم نزّه سبحانه نفسه عمّا يزعمونه من أن له شركاء في ملكه ، وذكر أنه هو الذي تسبّح له السماوات السبع والأرض ومن فيهن ، وأنه ما من شيء إلّا يسبّح بحمده ، ولكنهم لا يفقهون تسبيحهم.
ثم ذكر أنه إذا قرأ القرآن جعل بينه وبين الذين لا يؤمنون بالآخرة حجابا مستورا ، وجعل على قلوبهم أكنّة أن