كما يشهد به جواز التكليف بالمجمل في الجملة ، كما اعترف به غير واحد ممّن قال بالبراءة فيما نحن فيه ، كما سيأتي.
وإن كان من جهة كونه غير قابل لتوجّه التكليف إليه
______________________________________________________
الاحتياط ، وذلك بأن يأتي بكل الأطراف المحصورة ، فالقدرة موجودة مع الجهل التفصيلي أيضا.
(كما يشهد به) اي : بعدم استقلال العقل بمعذورية الجاهل في صورة الجهل التفصيلي بخصوصيات الواجب (جواز التكليف بالمجمل في الجملة) فانّا نرى انّ الشارع قد أمر بالصلاة الوسطى ، وبحرمة الغناء ، مع انّهم اختلفوا في انّ المراد بالصلاة الوسطى : هل هي صلاة الصبح أو الظهر أو العصر أو المغرب أو العشاء؟ وكذلك اختلفوا في ان الغناء هل هو الصوت المرجّع فيه ، أو الصوت المطرب؟.
وانّما قال المصنّف : في الجملة ، لانّه لا يجوز التكليف بالمجمل من جميع الجهات بأن يقول ـ مثلا ـ : ائتني بشيء : ولم يقصد به مطلق الشيء حتى ينطبق على كل ما يسمّى شيئا ، أو يقول : اشتر لي ثوبا ولم يرد به ثوبا مطلقا ، بل يريد ثوبا خاصا لم يعرف المكلّف : هل هو الأبيض أو الأحمر أو الأسود أو الأزرق أو غير ذلك؟.
(كما اعترف به) أي : بجواز التكليف بالمجمل (غير واحد ممّن قال بالبراءة فيما نحن فيه) فانّ جماعة من القائلين بالبراءة في مقامنا هذا ، جوّزوا الأمر بالمجمل في مقام آخر فيسأل منهم : بانّه إذا جاز التكليف بالمجمل هناك ، فلما ذا لا يجوز التكليف بالمجمل هنا (كما سيأتي) الكلام إن شاء الله تعالى في انّ غير واحد ممّن قال بالبراءة فيما نحن فيه ، وقد اعترف بجواز التكليف بالمجمل.
هذا (وان كان) حكم العقل بمعذورية الجاهل لا من جهة عجزه عن الواقع ، بل (من جهة كونه غير قابل لتوجّه التكليف إليه) بمعنى : اشتراط العلم التفصيلي