ولو بملاحظة وجوبه الظاهري ، لانّ هذا الوجوب مقدميّ ، ومرجعه الى وجوب تحصيل العلم بفراغ الذمة ، ودفع احتمال ترتب ضرر العقاب بترك بعض منهما ، وهذا الوجوب إرشاديّ ، لا تقرّب فيه أصلا ، نظير أوامر الاطاعة ، فانّ امتثالها لا يوجب تقرّبا ، وانّما المقرّب نفس الاطاعة ، والمقرّب هنا أيضا
______________________________________________________
كما قال : (ولو بملاحظة وجوبه الظاهري) المقدّمي ، وذلك (لانّ هذا الوجوب) الظاهري هو وجوب (مقدميّ ، ومرجعه الى وجوب تحصيل العلم بفراغ الذمة ، ودفع احتمال ترتب ضرر العقاب بترك بعض منهما) اي : من المحتملين.
(وهذا الوجوب) المقدمي سواء استفيد من العقل الحاكم بالاتيان بأطراف المشتبه ، أم من الشرع القاضي بوجوب الاحتياط (إرشاديّ) محض (لا تقرّب فيه أصلا).
وإنّما لا تقرّب فيه لانه نظير أوامر الاطباء ، و (نظير أوامر الاطاعة) حيث قال سبحانه : (أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ) (١) فانّ اطاعة الله والرسول في هذا الأمر ارشادي محض ، لما تقدّم : من انه لو لم يكن ارشاديا لزم ان يكون لكل واجب ثوابان ولكل محرّم عقابان ولم يقل به أحد.
وعليه : (فانّ امتثالها) اي : امتثال أوامر الطاعة (لا يوجب تقربا ، وانّما المقرّب نفس الاطاعة) فاذا صلّى صلاة الصبح ـ مثلا ـ تكون نفس الصلاة مقرّبة له الى الله ، لا انّه حيث أطاع أمر (أَطِيعُوا اللهَ وَالرَّسُولَ) تكون الاطاعة مقرّبة له.
هذا في أوامر الطاعة (و) امّا ما نحن فيه : فانّ (المقرّب هنا أيضا) في مورد
__________________
(١) ـ سورة النساء : الآية ٥٩ ، سورة المائدة : الآية ٩٢.