لانّ فعل الحرام لا يعلم هناك به إلّا بعد الارتكاب ، بخلاف ترك الكلّ هنا ، فانّه يعلم به مخالفة الواجب الواقعي حين المخالفة.
______________________________________________________
وذلك (لانّ فعل الحرام لا يعلم هناك) في الشبهة التحريمية (به) اي : بارتكاب الكل (إلّا بعد الارتكاب) فلو شرب الاواني الألف كلّها علم بعد ذلك بانّه شرب الحرام.
(بخلاف ترك الكلّ هنا) في الشبهة الوجوبية بان لا يصلي عند اشتباه الثوب الطاهر بين الف ثوب ـ مثلا ـ (فانّه يعلم به) أي : بترك الكل وعدم الصلاة رأسا (مخالفة الواجب الواقعي حين المخالفة).
والحاصل : انّ المخالفة القطعية في الشبهة التحريمية تكون تدريجية ، لانّ ارتكاب الكل يحصل تدريجا ، والمخالفة القطعيّة التدريجية لا يعلم بها الّا بعد مخالفة الكل ، كما مثلنا له بشرب الأواني الألف تدريجيا ، فانّه بعد شرب الجميع يعلم بانّه قد خالف أمر : اجتنب الخمر ـ مثلا ـ.
وامّا المخالفة القطعيّة في الشبهة الوجوبية ، فانّها تكون تفصيلية ، لانّ ترك الكل يحصل في آن واحد ، فاذا وجب عليه ـ مثلا ـ شرب أحد تلك الأواني الألف ، فانّه حيث يترك الشرب في الآن الاوّل يتحقق ترك الكل ، ومن المعلوم : ان ترك الكل مخالفة تفصيلية وهو غير جائز عقلا للعلم بالمخالفة حين المخالفة.
لكن لا يخفى : انّ ما ذكره المصنّف انّما يجري فيما إذا كانت الأفراد في الواجب المشكوك دفعية ، كمثال الأواني التي نذر أن يشرب أحدها فاشتبه بين الألف.
وأما اذا كانت الافراد في الواجب المشكوك تدريجية ، فانه لا يجري ما ذكره المصنّف فيها ، وذلك كمثال من نذر صوم يوم معيّن من أيام السنة ، فاشتبه انه ايّ يوم كان ذلك؟ فانه اذا ترك الصوم كل السنة ، لم يعلم بانّه خالف قطعا