فان قلت : فايّ فرق بين وجود هذا المطلق وعدمه؟ وما المانع من الحكم بالتخيير هنا؟ كما لو لم يكن مطلق.
______________________________________________________
للاصول العملية كالتخيير بين المتعارضين.
وحيث قد تقدّم : من اطلاق حكم التخيير فيما لو كان هناك نصّان متعارضان يقول أحدهما : بأنّ السورة جزء ، وثانيهما : بأنّ السورة ليست بجزء ، أشكل عليه المصنّف : بأنّ الحكم بالتخيير صحيح ، لكن لا على إطلاقه ، بل بشرط عدم وجود مطلق في البين ، وإلّا فلا تخيير.
ثم أعقبه بقوله : ان قلت ، ليشير إلى ان هذا التقييد غير صحيح ، لأنه ان كان حكم المتكافئين التساقط : فالمكلف مخيّر بين الاتيان بالسورة وعدم الاتيان بها ؛ إذ المطلق لازمه التخيير بين الخصوصيات ؛ فاذا قال الشارع : «أقيموا الصلاة» تخيّر المكلّف بين أن يأتي بالصلاة مع السورة أو بدونها.
وإن كان حكم المتكافئين التخيير لا التساقط ، فالمكلف أيضا مخيّر بين الاتيان بالسورة وعدم الاتيان بها سواء وجد المطلق أم لا ، إذ لو أخذنا بالمطلق كان معناه : إنّا قدّمنا الخبر الموافق للمطلق ، وهو خلاف الفرض القائل بأنّ الخبرين الخاصين لا يقدّم أحدهما على الآخر.
والحاصل : ان تقييد المصنّف حكم التخيير بين الخبرين المتعارضين بعدم وجود مطلق في المسألة غير تام.
وإلى هذا المعنى أشار المصنّف بقوله : (فان قلت : فايّ فرق بين وجود هذا المطلق وعدمه؟) أي : عدم وجود المطلق (وما المانع من الحكم بالتخيير هنا؟) أي : مع وجود اطلاق معتبر (كما لو لم يكن مطلق) معتبر رأسا ، فوجود المطلق وعدمه سيّان كما قال :