ذُو الْعَصْفِ) أي وفيها الحبّ. وهو حبّ البرّ والشعير ونحوهما (ذُو الْعَصْفِ) أي الورق اليابس كالتبن. (وَالرَّيْحانُ) أي الورق الأخضر. تذكير بالنعمة به وبورقه في حالتيه. هذا على (قراءة) (الريحان) بالجرّ. وقرئ بالرفع ، وهو الزرع الأخضر مطلقا ، سمي به تشبيها له بما فيه الروح ، لأن حياته النباتية في نضرة خضرته.
قال ابن عباس : الريحان خضر الزرع.
وقال القرطبيّ : الريحان ، إما فيعلان ، من (روح) ، فقلبت الواو ياء ، وأدغم ثم خفف ، أو فعلان ، قلبت واوه ياء للتخفيف ، أو للفرق بينه وبين الروحان ، وهو ما له روح. (فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ) قال أبو السعود : الخطاب للثقلين المدلول عليهما بقوله تعالى : (لِلْأَنامِ) [الرحمن : ١٠] ، وسينطق به قوله تعالى : (أَيُّهَ الثَّقَلانِ) [الرحمن : ٣١]. والفاء لترتيب الإنكار ، والتوبيخ على فصل من فنون النعماء ، وصنوف الآلاء الموجبة للإيمان والشكر حتما. والتعرّض لعنوان الربوبية المنبئة عن المالكية الكلية والتربية مع الإضافة إلى ضميرهم لتأكيد النكير ، وتشديد التوبيخ. ومعنى تكذيبهم بآلائه تعالى ، كفرهم بها ، إما بإنكار كونه نعمة في نفسه ، كتعليم القرآن ، وما يستند إليه من النعم الدينية ، وإما بإنكار كونه من الله تعالى ، مع الاعتراف بكونه نعمة في نفسه ، كالنعم الدنيوية الواصلة إليهم بإسناده إلى غيره تعالى استقلالا ، أو اشتراكا صريحا ، أو دلالة ، فإن إشراكهم لآلهتهم به تعالى في العبادة من دواعي إشراكهم لها به تعالى فيما يوجبها. والتعبير عن كفرهم المذكور بالتكذيب ، لما أن دلالة الآلاء المذكورة على وجوب الإيمان والشكر ، شهادة منها بذلك ، فكفرهم تكذيب بها لا محالة ، أي فإذا كان الأمر كما فصل ، فبأي فرد من أفراد آلاء مالككما ومربيّكما بتلك الآلاء تكذبان ، مع أن كلّا منهما ناطق بالحق ، شاهد بالصدق. انتهى.
القول في تأويل قوله تعالى :
(خَلَقَ الْإِنْسانَ مِنْ صَلْصالٍ كَالْفَخَّارِ (١٤) وَخَلَقَ الْجَانَّ مِنْ مارِجٍ مِنْ نارٍ (١٥) فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ) (١٦)
(خَلَقَ الْإِنْسانَ مِنْ صَلْصالٍ كَالْفَخَّارِ) قال أبو السعود : تمهيد للتوبيخ على إخلالهم بمواجب شكر النعمة المتعلقة بذاتي كل واحد من الثقلين. و (الصلصال) الطين اليابس الذي له صلصلة. و (الفخار) الخزف. وقد خلق الله تعالى آدم عليهالسلام من تراب جعله طينا ، ثم حمأ مسنونا ، ثم صلصالا. فلا تنافي بين الآية