ثالثها ـ أن هذه الجملة تفيد عظمة حالهم ، كما يقال : فلان ناهيك به ، وحسبك أنه فلان. إشارة إلى أنه ممدوح فوق حد الفضل. انتهى.
ثم قال الرازيّ : والخطاب بقوله : (لَكَ) يحتمل أن يكون للنبيّ صلىاللهعليهوسلم. وحينئذ فيه وجه. وهو ما ذكرنا أن ذلك تسلية لقلب النبيّ صلىاللهعليهوسلم ، فإنهم غير محتاجين إلى شيء من الشفاعة وغيرها. فسلام لك يا محمد منهم ، فإنهم في سلامة وعافية ، لا يهمك أمرهم. أو فسلام لك يا محمد منهم ، وكونهم ممن يسلم على محمد صلىاللهعليهوسلم دليل العظمة ، فإن العظيم لا يسلم عليه إلا عظيم. انتهى.
(وَأَمَّا إِنْ كانَ مِنَ الْمُكَذِّبِينَ) أي بآيات الله (الضَّالِّينَ) أي الجائرين عن سبيله. (فَنُزُلٌ مِنْ حَمِيمٍ) أي ماء انتهى حرّه. فهو شرابه (وَتَصْلِيَةُ جَحِيمٍ) أي إحراق بالنار (إِنَّ هذا) أي المذكور من أحوال الفرق الثلاثة وعواقبهم (لَهُوَ حَقُّ الْيَقِينِ) أي حقيقة الأمر ، وجلية الحال ، لا لبس فيه ولا ارتياب. والإضافة إما من إضافة الموصوف إلى الصفة ، أي الحق اليقين : كما يقال : دار الآخرة. والدار الآخرة ؛ أو بالعكس ، أي اليقين الحق. أو من إضافة العام للخاص ، أي كعلم الأمر اليقين. فالإضافة حينئذ لامية ، أو بمعنى (من).
تنبيه :
في (الإكليل) : استدل بالآيات هذه على أن الروح بعد مفارقة البدن ، منعّمة أو معذّبة ، وعلى أن مقر أرواح المؤمنين في الجنة ، وأرواح الكافرين في النار.
(فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ) أي نزهه عما يصفونه به من الأباطيل ، وما يتفوهون به من الأضاليل ، قولا وعملا.