وفي (العناية). المراد من قوله : (قَدْ سَمِعَ اللهُ) إلخ قبل قولها وأجابه ، كما في : سمع الله لمن حمده ، مجازا بعلاقة السببية أو كناية. انتهى.
وقوله : (وَتَشْتَكِي إِلَى اللهِ) أي تشتكي المجادلة ما لديها من الهم ، بظهار زوجها منها ، إلى الله ، وتسأله الفرج.
ومعنى (تَحاوُرَكُما) ترجيعكما الكلام في هذه النازلة. وذلك أن الظهار كان طلاق الرجل امرأته في الجاهلية. فإذا تكلم به لم يرجع إلى امرأته أبدا. وقد طمعت المشتكية أن يكون غير قاطع علقة النكاح. والنبيّ صلىاللهعليهوسلم لم يبت لها فيه الأمر ، حتى ينزل الوحي الذي يردّ. التنازع إليه. ثم أنزل تعالى فيه قوله :
القول في تأويل قوله تعالى :
(الَّذِينَ يُظاهِرُونَ مِنْكُمْ مِنْ نِسائِهِمْ ما هُنَّ أُمَّهاتِهِمْ إِنْ أُمَّهاتُهُمْ إِلاَّ اللاَّئِي وَلَدْنَهُمْ وَإِنَّهُمْ لَيَقُولُونَ مُنْكَراً مِنَ الْقَوْلِ وَزُوراً وَإِنَّ اللهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٌ) (٢)
(الَّذِينَ يُظاهِرُونَ مِنْكُمْ مِنْ نِسائِهِمْ) يعني قول الرجل لامرأته إذا غضب عليها. أنت عليّ كظهر أمي ، يعني : في حرمة الركوب. (ما هُنَّ أُمَّهاتِهِمْ) أي ما نساؤهم اللاتي ظاهروا منهن بأمهاتهم. أي يصرن بهذا القول كأمهاتهم في التحريم الأبدي.
قال المهايمي : ما هن أمهاتهم بالحقيقة ، ولا في حكمهن بالمجاز ، إذ لا يقتضي المجاز أن يكون في حكم الحقيقة ، إلا بقلب الحقائق ، لكنها لا تنقلب.
(إِنْ أُمَّهاتُهُمْ إِلَّا اللَّائِي وَلَدْنَهُمْ) أي فلا يشبه بهن في الحرمة الأزواج (وَإِنَّهُمْ لَيَقُولُونَ مُنْكَراً مِنَ الْقَوْلِ) أي قولا تنكره العقلاء ، وتتجافاه الكرماء. (وَزُوراً) أي باطلا لا حقيقة له ، لأنه يتضمن إلحاقها بالأمّ المنافي لمقتضي الزوجية. (وَإِنَّ اللهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٌ) أي لذنوب عباده ، إذا تابوا منها وأنابوا ، فلا يعاقبهم عليها بعد التوبة.
القول في تأويل قوله تعالى :
(وَالَّذِينَ يُظاهِرُونَ مِنْ نِسائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِما قالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا ذلِكُمْ تُوعَظُونَ بِهِ وَاللهُ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ (٣) فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيامُ شَهْرَيْنِ مُتَتابِعَيْنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا فَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَإِطْعامُ سِتِّينَ مِسْكِيناً ذلِكَ لِتُؤْمِنُوا بِاللهِ وَرَسُولِهِ وَتِلْكَ حُدُودُ اللهِ وَلِلْكافِرِينَ عَذابٌ أَلِيمٌ) (٤)