مِنْكُمْ) أي يتداولونه وحدهم دون من هم أحق به. أو دولة جاهلية ، إذ كان من عوائدهم استئثار الرؤساء والأغنياء بالغنائم دون الفقراء (وَما آتاكُمُ الرَّسُولُ) أي من قسمة غنيمة أو في (فَخُذُوهُ وَما نَهاكُمْ عَنْهُ) أي عن أخذه منها (فَانْتَهُوا وَاتَّقُوا اللهَ إِنَّ اللهَ شَدِيدُ الْعِقابِ) أي لمن خالفه إلى ما نهى عنه.
تنبيهات :
الأول ـ قال السيوطي في (الإكليل) : استدل بالآية على أن (الفيء) ما أخذ من الكفار بلا قتال ، وإيجاف خيل وركاب ، ومنه ما جلوا عنه خوفا. و (الغنيمة) ما أخذ منهم بقتال ، كما تقدم في قوله : (وَاعْلَمُوا أَنَّما غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ ...) [الأنفال : ٤١] الآية ، خلافا لمن زعم أنهما بمعنى واحد ، أو فرق بينهما بغير ذلك. انتهى.
وكأن الذي زعم أنهما بمعنى واحد رأى أن مجمل هذه الآية بيّنه آية الأنفال ، حتى زعم قتادة أن هذه منسوخة بتلك. قال ـ فيما رواه عنه ابن جرير ـ : كان الفيء في هؤلاء ثم نسخ ذلك في سورة الأنفال فقال : (وَاعْلَمُوا أَنَّما غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبى وَالْيَتامى وَالْمَساكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ) وجعل الخمس لمن كان له الفيء في سورة الحشر. وكانت الغنيمة تقسم خمسة أخماس. فأربعة أخماس لمن قاتل عليها ، ويقسم الخمس الثاني على خمسة أخماس : فخمس لله وللرسول ، وخمس لقرابة رسول الله صلىاللهعليهوسلم في حياته ، وخمس لليتامى ، وخمس للمساكين ، وخمس لابن السبيل.
والمسألة مبسوطة في مطولات الفروع.
الثاني ـ قال الزمخشري : الأجود أن يكون قوله تعالى : (وَما آتاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ) الآية ـ عامّا في كل ما آتى رسول الله صلىاللهعليهوسلم ونهى عنه. وأمر الفيء داخل في عمومه.
وفي (الإكليل) : فيه وجوب امتثال أوامره ونواهيه صلىاللهعليهوسلم.
قال العلماء : وكل ما ثبت عنه صلىاللهعليهوسلم ، يصح أن يقال إنه في القرآن ، أخذا من هذه الآية. انتهى.
وهذا الأخير من غلوّ الأثريين ، والإغراق في الاستنباط.
ثم بين تعالى من أصناف من تقدم ، الأحق بالعناية والرعاية ، بقوله :
القول في تأويل قوله تعالى :
(لِلْفُقَراءِ الْمُهاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيارِهِمْ وَأَمْوالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِنَ اللهِ وَرِضْواناً وَيَنْصُرُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ أُولئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ) (٨)