تخريجه مع رواية أوّله. واتفاقهما على ذلك يشعر بقوة العلة فيه. ولكن الأكثرين اعتمدوا ذلك تعرضا لفضل الله العظيم في وعده من أحصاها بالجنة ، كما اتفق على صحته. وليس يستيقن إحصاؤها بذلك إلا لو لم يكن لله سبحانه اسم غير تلك الأسماء ، فأما إذا كانت أسماؤه سبحانه أكثر من أن تحصى ، بطل اليقين بذلك ، وكان الأحسن الاقتصار على ما في كتاب الله ، وما اتفق على صحته بعد ذلك ، وهو النادر ، وقد ثبت أن أسماء الله تعالى أكثر من ذلك المروي بالضرورة والنص.
ثم أطال رحمهالله في ذلك وأطاب. فليرجع إليه النّهم بالتحقيقات.
الثاني ـ قال الغزاليّ في (المقصد الأسنى) ـ وهو من أنفس ما ألف في معاني الأسماء الحسنى ـ : هل الصفات والأسامي المطلقة على الله تعالى تقف على التوقيف. أو تجوز بطريق العقل؟ والذي مال إليه القاضي أبو بكر الباقلاني أن ذلك جائز ، إلا ما منع منه الشرع ، أو أشعر بما يستحيل معناه على الله تعالى. فأما ما لا مانع فيه فإنه جائز. والذي ذهب إليه الشيخ أبو الحسن الأشعري ، رحمة الله عليه ، أن ذلك موقوف على التوقيف ، فلا يجوز أن يطلق في حق الله تعالى. إلا إذا أذن فيه.
والمختار عندنا أن نفصل ونقول : كل ما يرجع إلى الاسم ، فذلك موقوف على الإذن ، وما يرجع إلى الوصف ، فذلك لا يقف على الإذن ، بل الصادق منه مباح دون الكاذب. ثم جوّد رحمهالله البيان بما لا غاية بعده.
الثالث ـ قال السيد ابن المرتضى في (إيثار الحق) : قد تكلم على معانيها جماعة من أهل العلم والتفسير ، وأكثرها واضح. والعصمة فيها عدم التشبيه ، واعتقاد أن المراد بها أكمل معانيها ، الكمال الذي لا يحيط بحقيقته إلا الله تعالى.
ثم قال : ولا بد من الإشارة هنا إلى أمر جمليّ ، وهو أصل عظيم. ، وذلك تفسير الحسنى جملة : فاعلم أنها جمع (الأحسن) لا جمع الحسن ، وتحت هذا سر نفيس : وذلك أن (الحسن) من صفات الألفاظ ، ومن صفات المعاني ، فكل لفظ له معنيان حسن وأحسن ، فالمراد الأحسن منهما حتى يصح جمعه (حسنى) ، ولا يفسر بالحسن منهما إلا الأحسن بهذا الوجه. ثم بيّن مثال ذلك فانظره.