ولا تؤثر فيهم صحبتك (قاتَلَهُمُ اللهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ) أي كيف يصرفون عن الحق ، مع وضوح مناره. و (قاتل) بمعنى لعن وطرد ، وهو دعاء أو خبر.
القول في تأويل قوله تعالى :
(وَإِذا قِيلَ لَهُمْ تَعالَوْا يَسْتَغْفِرْ لَكُمْ رَسُولُ اللهِ لَوَّوْا رُؤُسَهُمْ وَرَأَيْتَهُمْ يَصُدُّونَ وَهُمْ مُسْتَكْبِرُونَ) (٥)
(وَإِذا قِيلَ لَهُمْ تَعالَوْا يَسْتَغْفِرْ لَكُمْ رَسُولُ اللهِ) أي : هلموا إلى التوبة والإنابة مما فرط منكم ، وذاع من أفاعيلكم ضد المؤمنين (لَوَّوْا رُؤُسَهُمْ) قال ابن جرير أي : حركوها وهزوها استهزاء برسول الله صلىاللهعليهوسلم وباستغفاره ، وبتشديد الواو من (لَوَّوْا) قرأت القراء على وجه الخبر عنهم ، أنهم كرروا هز رؤوسهم وتحريكها وأكثروا. إلا نافعا ، فإنه قرأ ذلك بتخفيف الواو ، على وجه أنهم فعلوا ذلك مرة واحدة.
(وَرَأَيْتَهُمْ يَصُدُّونَ) أي يعرضون عما دعوا إليه ، (وَهُمْ مُسْتَكْبِرُونَ) أي : عن المصير إلى الرسول والاعتذار.
قال القاشاني : لضراوتهم بالأمور الظلمانية ، واعتيادهم الكمالات البهيمية والسبعية ، فلا يألفون النور ، ولا يشتاقون إليه ، ولا إلى الكمالات الإنسانية ، لمسخ الصورة الذاتية.
القول في تأويل قوله تعالى :
(سَواءٌ عَلَيْهِمْ أَسْتَغْفَرْتَ لَهُمْ أَمْ لَمْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ لَنْ يَغْفِرَ اللهُ لَهُمْ إِنَّ اللهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفاسِقِينَ) (٦)
(سَواءٌ عَلَيْهِمْ أَسْتَغْفَرْتَ لَهُمْ أَمْ لَمْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ لَنْ يَغْفِرَ اللهُ لَهُمْ) قال القاشاني : لرسوخ الهيئات الظلمانية فيهم ، وزوال قبول استعداداتهم للهداية ، لفسقهم وخروجهم عن دين الفطرة القويم. وهذا معنى قوله تعالى : (إِنَّ اللهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفاسِقِينَ).
القول في تأويل قوله تعالى :
(هُمُ الَّذِينَ يَقُولُونَ لا تُنْفِقُوا عَلى مَنْ عِنْدَ رَسُولِ اللهِ حَتَّى يَنْفَضُّوا وَلِلَّهِ خَزائِنُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَلكِنَّ الْمُنافِقِينَ لا يَفْقَهُونَ) (٧)
(هُمُ الَّذِينَ يَقُولُونَ لا تُنْفِقُوا عَلى مَنْ عِنْدَ رَسُولِ اللهِ حَتَّى يَنْفَضُّوا) أي : حتى تصيبهم مجاعة ، فيتفرقوا عنه. يعنون فقراء المهاجرين.