(وَمَلائِكَتِهِ وَرُسُلِهِ وَجِبْرِيلَ) [البقرة : ٩٨] ، كان حسنا.
قال الشهاب (بعد نقله ما ذكر) : قال ابن مالك في (التسهيل) : فصل الجملتين في التأكيد ب (ثم) إن أمن اللبس ، أجود من وصلهما. وذكر بعض النحاة الفاء. وذكر الزمخشريّ في (الجاثية) الواو أيضا. واتفق النحاة على أنه تأكيد اصطلاحيّ ، وكلام أهل المعاني في إطلاق منعه غير سديد. انتهى.
القول في تأويل قوله تعالى :
(قالَ قَرِينُهُ رَبَّنا ما أَطْغَيْتُهُ وَلكِنْ كانَ فِي ضَلالٍ بَعِيدٍ) (٢٧)
(قالَ قَرِينُهُ) أي قرين هذا الإنسان الكفار المناع للخير ، وهو شيطانه الذي كان موكلا به في الدنيا ، متبرئا منه (رَبَّنا ما أَطْغَيْتُهُ) أي بالإرابة ومنع الإسلام ، وجعل إله آخر معك (وَلكِنْ كانَ فِي ضَلالٍ بَعِيدٍ) أي في طريق جائر عن سبيل الهدى ، جورا بعيدا بنفسه.
قال القاشاني : وقول الشيطان (ما أَطْغَيْتُهُ ...) إلخ كقوله (إِنَّ اللهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ وَوَعَدْتُكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ وَما كانَ لِي عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطانٍ إِلَّا أَنْ دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي فَلا تَلُومُونِي وَلُومُوا أَنْفُسَكُمْ) [إبراهيم : ٢٢] ، لأنه لو لم يكن في ضلال عن طريق التوحيد ، بعيد عن الفطرة الأصلية بالتوجه إلى الجهة السفلية ، والتغشي بالغواشي المظلمة الطبيعية ، لم يقبل وسوسة الشيطان ، وقبل إلهام الملك. فالذنب إنما يكون عليه بالاحتجاب من نور الفطرة ، واكتساب الجنسية مع الشيطان في الظلمة. انتهى.
وقال ابن جرير : وإنما أخبر تعالى عن قول قرين الكافر له يوم القيامة ، إعلاما منه عباده ، تبرّأ بعضهم من بعض يوم القيامة.
القول في تأويل قوله تعالى :
(قالَ لا تَخْتَصِمُوا لَدَيَّ وَقَدْ قَدَّمْتُ إِلَيْكُمْ بِالْوَعِيدِ) (٢٨)
(قالَ لا تَخْتَصِمُوا لَدَيَّ وَقَدْ قَدَّمْتُ إِلَيْكُمْ بِالْوَعِيدِ) أي لا تختصموا اليوم في دار الجزاء ، وموقف الحساب ، فلا فائدة في اختصامكم ، وقد قدمت إليكم في الدنيا بالوعيد لمن كفر بي وعصاني ، وخالف أمري ونهيي في كتبي ، وعلى ألسن رسلي.
قال القاشاني : النهي عن الاختصام ليس المراد به انتهاءه ، بل عدم فائدته ،