يدري أحملت أم لا. وطلاق ثالث لا سنّة فيه ولا بدعة ، وهو طلاق الصغيرة والآيسة ، وغير المدخول بها ، وسيأتي في التنبيهات زيادة على هذا.
(وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ) أي اضبطوها وأكملوها ثلاثة أقراء (وَاتَّقُوا اللهَ رَبَّكُمْ لا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَ) أي : اتقوه في تعدي حدوده في المطلقات ، فلا تخرجوهن من بيوتهن التي كنتم أسكنتموهن فيها قبل الطلاق ، غضبا عليهن ، وكراهة لمساكنتهن ، لأن لهن حق السكنى ، حتى تنقضي عدتهن.
(وَلا يَخْرُجْنَ) أي : باستبدادهن من تلقاء أنفسهن.
قال الناصر : قوله تعالى : (وَاتَّقُوا اللهَ رَبَّكُمْ) توطئة لقوله (لا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَ) حتى كأنه نهي عن الإخراج مرتين : مندرجا في العموم ، ومفردا بالخصوص. وقد تقدمت أمثاله.
(إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ) أي : فإنهن يخرجن. و (الفاحشة) الزنا ، أو أن تبذو المطلقة على أهلها ، أو هي كل أمر قبيح تعدّي فيه حده ، فيدخل فيه الزنا والسرقة والبذاء على الأحماء ونحوها ، والأخير مختار ابن جرير ، وقوفا مع عموم اللفظ الكريم.
(وَتِلْكَ حُدُودُ اللهِ وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ) أي : بتعريضها للعقاب بما أكسبها من الوزر. أو أضرّ بها بما اكتسب من قوة النفار ، وشدة البغضة التي قد تتفاقم فتعسر الرجعة ، مع أن الأولى تخفيف الشنآن ، وتلافي الهجران ـ وهو الأظهر ـ ولذا قال سبحانه : (لا تَدْرِي لَعَلَّ اللهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذلِكَ أَمْراً) فإنه استئناف مسوق لتعليل مضمون الشرطية.
قال أبو السعود : وقد قالوا إن الأمر الذي يحدثه الله تعالى ، أن يقلب قلبه عما فعله بالتعدي إلى خلافه ، فلا بد أن يكون الظلم عبارة عن ضرر دنيوى يلحقه بسبب تعديه ، ولا يمكن تداركه. أو عن مطلق الضرر الشامل الدنيوي والأخروي. ويخص التعليل بالدنيوي لكون احتراز الناس منه أشد ، واهتمامهم بدفعه أقوى.
وقوله تعالى : (لا تَدْرِي) خطاب للمتعدي بطريق الالتفات ، لمزيد الاهتمام بالزجر عن التعدي ، لا للنبيّ صلىاللهعليهوسلم ، كما توهم فالمعنى : ومن يتعد حدود الله فقد أضرّ بنفسه ، فإنك لا تدري أيها المتعدي عاقبة الأمر ، لعل الله يحدث في قلبك ، بعد ذلك الذي فعلت من التعدي ، أمرا يقتضي خلاف ما فعلته ، فيبدل ببغضها محبة ، وبالإعراض عنها إقبالا إليها ، ويتسنى تلافيه رجعة ، أو استئناف نكاح. انتهى.
تنبيهات :
الأول ـ قال في (الإكليل): فسر النبيّ صلىاللهعليهوسلم قوله تعالى : (لِعِدَّتِهِنَ) بأن تطلق