منها ـ أن (فعّالا) قد ورد بمعنى (فاعل) ، فهذا منه.
ومنها اعتبار كثرة الخلق.
ومنها ـ أن المنسوب في المعتاد إلى الملوك من الظلم تحت ظلمهم ، إن عظيما فعظيم ، وإن قليلا فقليل. فما كان ملك الله تعالى على كل شيء ملكه ، قدس ذاته عما يتوهم مخذول ، والعياذ بالله ، أنه منسوب إليه من ظلم تحت شمول كل موجود.
القول في تأويل قوله تعالى :
(يَوْمَ نَقُولُ لِجَهَنَّمَ هَلِ امْتَلَأْتِ وَتَقُولُ هَلْ مِنْ مَزِيدٍ) (٣٠)
(يَوْمَ نَقُولُ لِجَهَنَّمَ هَلِ امْتَلَأْتِ وَتَقُولُ هَلْ مِنْ مَزِيدٍ) قال ابن جرير : فيه لأهل التأويل قولان :
الأول ـ أن معناه : ما من مزيد. فعن مجاهد قال : وعدها الله ليملأنها فقال : هلا وفّيتك؟ قالت : وهل من مسلك؟!.
الثاني ـ معناه : زدني
أي : فالاستفهام على الأول إنكاريّ. معناه النفي ، وأيد بآية (لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ) [هود : ١١٩] و [السجدة : ١٣] ، والقرآن يفسر بعضه بعضا. وعلى الثاني تقريريّ ، دلالة على سعتها. بحيث يدخلها من يدخلها ، وفيها فراغ وخلوّ. كأنه يطلب الزيادة.
فإن قيل : الوجه الثاني ، وهو كونها فيها فراغ ، مناف لصريح النظم من قوله (لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ ..) الآية ، قلت لا منافاة بينهما كما توهم ، لأن الامتلاء قد يراد به أنه لا يخلو طبقة منها عمن يسكنها ، وإن كان فيها فراغ كثير. كما يقال : إن البلدة ممتلئة بأهلها ، ليس فيها دار خالية ، مع ما بينها من الأبنية والأفضية. أو هذا باعتبار حالين. فالفراغ في أول دخول أهلها فيها ، ثم يساق إليها الشياطين ونحوهم فتمتلئ.
تنبيه :
ذهب جماعة إلى أن المقاولة في الآية مجاز على طريق الاستعارة التمثيلية ، وأن جهنم لشدة توقدها وزفيرها. وتهافت الكفرة والعصاة ، وقذفهم فيها كأنها طالبة للزيادة.