(وَجَعَلْناها) على جنس المصابيح ، لا على عينها ، لأنه لا يرمي بالكواكب التي في السماء ، بل بشهب من دونها ، وقد تكون مستمدة منها ـ والله أعلم ـ.
وقال القاضي : أي وجعلنا لها فائدة أخرى هي رجم أعدائكم بانقضاض الشهب المسببة عنها. وقيل : معناه وجعلناها رجوما وظنونا لشياطين الإنس ـ وهم المنجمون ـ.
قال الشهاب : مرّضه لأنه خلاف الظاهر المأثور. و (الرجم) يكون بمعنى الظن ، مجازا معروفا. والآية بمعنى آية الصافات (إِنَّا زَيَّنَّا السَّماءَ الدُّنْيا بِزِينَةٍ الْكَواكِبِ وَحِفْظاً مِنْ كُلِّ شَيْطانٍ مارِدٍ لا يَسَّمَّعُونَ إِلَى الْمَلَإِ الْأَعْلى وَيُقْذَفُونَ مِنْ كُلِّ جانِبٍ دُحُوراً وَلَهُمْ عَذابٌ واصِبٌ إِلَّا مَنْ خَطِفَ الْخَطْفَةَ فَأَتْبَعَهُ شِهابٌ ثاقِبٌ) [الصافات : ٦ ـ ١٠] ، (وَأَعْتَدْنا لَهُمْ عَذابَ السَّعِيرِ) أي في الآخرة.
القول في تأويل قوله تعالى :
(وَلِلَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ عَذابُ جَهَنَّمَ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ (٦) إِذا أُلْقُوا فِيها سَمِعُوا لَها شَهِيقاً وَهِيَ تَفُورُ (٧) تَكادُ تَمَيَّزُ مِنَ الْغَيْظِ كُلَّما أُلْقِيَ فِيها فَوْجٌ سَأَلَهُمْ خَزَنَتُها أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَذِيرٌ (٨) قالُوا بَلى قَدْ جاءَنا نَذِيرٌ فَكَذَّبْنا وَقُلْنا ما نَزَّلَ اللهُ مِنْ شَيْءٍ إِنْ أَنْتُمْ إِلاَّ فِي ضَلالٍ كَبِيرٍ (٩) وَقالُوا لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ ما كُنَّا فِي أَصْحابِ السَّعِيرِ (١٠) فَاعْتَرَفُوا بِذَنْبِهِمْ فَسُحْقاً لِأَصْحابِ السَّعِيرِ) (١١)
(وَلِلَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ عَذابُ جَهَنَّمَ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ) أي المرجع ذلك العذاب المحرق.
قال الناصر : هذا من الاستطراد. لما ذكر وعيد الشياطين ، استطرد ذلك وعيد الكافرين عموما.
(إِذا أُلْقُوا فِيها سَمِعُوا لَها شَهِيقاً) أي لأهلها ممن تقدم طرحهم فيها ، الأصوات المنكرة المنافية لأصوات الأناسيّ ، أو لأنفسهم. فإنهم يصطرخون فيها بأصوات الحيوانات المنكرة الصوت ، كقوله (لَهُمْ فِيها زَفِيرٌ وَشَهِيقٌ) [هود : ١٠٦] ، أولها نفسها ، تشبيها لحسيسها المنكر الفظيع بالشهيق ، وهو الصوت الذي يخرج من الجوف بشدة ، كصوت الحمار.
(وَهِيَ تَفُورُ) أي : تغلي بهم وتعلو.
(تَكادُ تَمَيَّزُ مِنَ الْغَيْظِ) أي تتفرق أجزاؤها من الغيظ على الذين أغضبوا الله