(إِنَّ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالْغَيْبِ) أي يخافونه أو يخافون عذابه ، وهم لم يروه (لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ).
القول في تأويل قوله تعالى :
(وَأَسِرُّوا قَوْلَكُمْ أَوِ اجْهَرُوا بِهِ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ) (١٣)
(وَأَسِرُّوا قَوْلَكُمْ أَوِ اجْهَرُوا بِهِ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ) أي بضمائرها ، فكيف بما نطق به؟ والمعنى : فاتقوه واخشوه.
القول في تأويل قوله تعالى :
(أَلا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ) (١٤)
(أَلا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ) أي : ألا يعلم السر والجهر ، من خلق الأشياء ، والخلق يستلزم العلم كما قال : (وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ) أي اللطيف بعباده ، الخبير بأعمالهم. وقيل : معنى الآية : ألا يعلم الله من خلقه ، وهو بهذه المثابة ف (من) مفعول ، والعائد مقدر.
قال الغزاليّ : إنما يستحق اسم اللطيف من يعلم دقائق الأمور وغوامضها ، وما لطف منها ، ثم يسلك في إيصال ما يصلحها سبيل الرفق ، دون العنف. و (الخبير) هو الذي لا يعزب عن علمه الأمور الباطنة ، فلا تتحرك في الملك والملكوت ذرة ، ولا تسكن أو تضطرب نفس ، إلا وعنده خبرها. وهو بمعنى العليم.
القول في تأويل قوله تعالى :
(هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولاً فَامْشُوا فِي مَناكِبِها وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ) (١٥)
(هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولاً) أي لينة سهلة المسالك. (فَامْشُوا فِي مَناكِبِها) أي : في نواحيها وجوانبها على التشبيه.
قال ابن جرير : لأن نواحيها نظير مناكب الإنسان التي هي من أطرافه.
(وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ) أي التمسوا من نعمه تعالى.
قال الشهاب : فالأكل والرزق ، أريد به طلب النعم مطلقا ، وتحصيلها أكلا وغيره. فهو اقتصار على الأهم الأعم ، على طريق المجاز أو الحقيقة.
قال : وأنت إذا تأملت نعيم الدنيا ، وما فيها ، لم تجد شيئا منها على المرء غير ما أكله ، وما سواه متمم له ، أو دافع للضرر عنه.