(وَإِلَيْهِ النُّشُورُ) أي نشوركم من قبوركم للجزاء.
تنبيه :
قال في (الإكليل) : في قوله تعالى (فَامْشُوا فِي مَناكِبِها وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ) الأمر بالتسبب والكسب.
وقال ابن كثير : في الآية تذكير بنعمته تعالى على خلقه في تسخيره لهم الأرض ، وتذليله إياها لهم ، بأن جعلها ساكنة لا تميد ولا تضطرب بما جعل فيها من الجبال ، وأنبع فيها من العيون ، وسلك فيها من السبل ، وهيأ فيها من المنافع ، ومواضع الزرع والثمار. والمعنى : سافروا حيث شئتم من أقطارها ، وترددوا في أقاليمها وأرجائها ، في أنواع المكاسب والتجارات.
القول في تأويل قوله تعالى :
(أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّماءِ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمُ الْأَرْضَ فَإِذا هِيَ تَمُورُ (١٦) أَمْ أَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّماءِ أَنْ يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ حاصِباً فَسَتَعْلَمُونَ كَيْفَ نَذِيرِ) (١٧)
(أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّماءِ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمُ الْأَرْضَ) خطاب للكافرين. أي أأمنتم العليّ الأعلى أن يخسف بكم الأرض فيغيبكم إلى أسفل سافلين. (فَإِذا هِيَ تَمُورُ) أي : تضطرب وتهتز هزا شديدا بكم ، وترتفع فوقكم ، وتنقلب عليكم.
(أَمْ أَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّماءِ أَنْ يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ حاصِباً) وهو التراب ، فيه الحصباء الصغار ، (فَسَتَعْلَمُونَ كَيْفَ نَذِيرِ) قال ابن جرير : أي عاقبة نذيري لكم ، إذا كذّبتم به ، ورددتموه على رسولي.
وقد بيّن تعالى نذيره لهم في غير ما آية ، وهو زهوق باطلهم إذا أصرّوا ، ونصر رسوله ، وغلبة جنده ، كما قال تعالى (وَلَتَعْلَمُنَّ نَبَأَهُ بَعْدَ حِينٍ) [ص : ٨٨].
قال الشهاب : (النذير) مصدر ، والياء محذوفة ، والقرّاء مختلفون فيها : فمنهم من حذفها وصلا ، وأثبتها وقفا ، ومنهم من حذفها في الحالين اكتفاء بالكسرة وكذلك الحال في (نكير).
القول في تأويل قوله تعالى :
(وَلَقَدْ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَكَيْفَ كانَ نَكِيرِ (١٨) أَوَلَمْ يَرَوْا إِلَى الطَّيْرِ فَوْقَهُمْ صافَّاتٍ وَيَقْبِضْنَ ما يُمْسِكُهُنَّ إِلاَّ الرَّحْمنُ إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ بَصِيرٌ) (١٩)