التوكيد. وأصله بالغة أقصى ما يمكن ، فحذف منه اختصارا ، وشاع في هذا المعنى.
(سَلْهُمْ أَيُّهُمْ بِذلِكَ) أي : الحكم (زَعِيمٌ) أي كفيل به ، يدعيه ويصححه. (أَمْ لَهُمْ شُرَكاءُ) أي ناس يشاركونهم في هذا الزعم ، ويوافقونهم عليه. (فَلْيَأْتُوا بِشُرَكائِهِمْ إِنْ كانُوا صادِقِينَ) أي : في دعواهم.
قال الزمخشريّ : يعني أن أحدا لا يسلّم لهم بهذا ، ولا يساعدهم عليه ، كما أنه لا كتاب لهم ينطق به ، ولا عهد به عند الله ، ولا زعيم لهم يقوم به. ففيه تنبيه على نفي جميع ما يمكن أن يتشبثوا به من عقل أو نقل.
(يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ ساقٍ) قال ابن عباس : أي عن أمر شديد مفظع من هول يوم القيامة. ألا تسمع العرب تقول : شالت الحرب عن ساق؟ ـ رواه ابن جرير.
(وَيُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ فَلا يَسْتَطِيعُونَ) أي لما أحاط بهم من العذاب الهائل الحائل.
(خاشِعَةً أَبْصارُهُمْ تَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ) أي : تغشاهم ذلة العصيان السالف لهم. (وَقَدْ كانُوا يُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ وَهُمْ سالِمُونَ) أي : لا مانع يمنعهم منه. والمراد من السجود : عبادة الله وحده ، وإسلام الوجه له ، والعمل بما أمر به من الصالحات.
تنبيه :
ما أثرنا عن ابن عباس رضي الله عنهما في معنى (عن ساق) هو المعنى الظاهر المناسب للتهويل المطرد في توصيف ذلك اليوم. في أمثال هذه الآية ، وعليه اقتصر الزمخشريّ ، وعبارته :
الكشف عن الساق ، والإبداء عن الخدام ، مثل في شدة الأمر ، وصعوبة الخطب.
وأصله في الروع والهزيمة ، وتشمير المخدرات عن سوقهن في الهرب ، وإبداء خدامهن عند ذلك. قال حاتم :
أخو الحرب ، إن عضّت به الحرب عضّها |
|
وإن شمّرت عن ساقها الحرب شمّرا |
وقال ابن الرقيات :
تذهل الشيخ عن بنيه ، وتبدي |
|
عن خدام العقيلة العذراء |
وجاءت منكّرة للدلالة على أنه أمر مبهم في الشدة ، منكر خارج عن المألوف كقوله :