من عمله الذي يوجب نجاته وثوابه ، من الخيرات والصالحات ، (وَأَخَّرَ) أي منه ففرط وقصر فيه ولم يعمله.
قال الشهاب : (بِما قَدَّمَ) كناية عما عمل ، وما (أَخَّرَ) ما تركه ولم يعمله. وهو مجاز مشهور فيما ذكر. أو ما قدمه ، ما عمله ، وما أخره ، عمل من اقتدى به بعده عملا له ، كأنه وقع منه.
القول في تأويل قوله تعالى :
(بَلِ الْإِنْسانُ عَلى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ (١٤) وَلَوْ أَلْقى مَعاذِيرَهُ) (١٥)
(بَلِ الْإِنْسانُ عَلى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ) قال القاشاني : أي حجة بينة ، يشهد بعمله ، لبقاء هيئات أعماله المكتوبة عليه في نفسه ، ورسوخها في ذاته ، وصيرورة صفاته صور أعضائه ، فلا حاجة إلى أن ينبأ من خارج.
قال الشهاب : (بَصِيرَةٌ) مجاز عن الحجة الظاهرة. أو (بَصِيرَةٌ) بمعنى بينة ، وهي صفة لحجة مقدرة. وجعل الحجة بصيرة لأن صاحبها يبصر بها ، فالإسناد مجازيّ. أو هي بمعنى دالة مجازا. أو هو استعارة مكنية وتخييلية. و (الْإِنْسانُ) مبتدأ ، و (بَصِيرَةٌ) خبره ، و (عَلى) متعلق به. والتأنيث للمبالغة ، أو لكونه صفة (حجة).
(وَلَوْ أَلْقى مَعاذِيرَهُ) أي ولو ألقى أعذاره مجادلا عن نفسه بكل معذرة. وفيه إشارة إلى أن ما عليه المشركون من الشرك وعبادة الأوثان ، وإنكار البعث ، منكر باطل ، تنكره قلوبهم ، وأنهم في دفاعهم يجادلون بالباطل. ولا غرو أن ينكر القلب ما تدفعه الفطرة السليمة ، والدين دين الفطرة.
قال الشهاب : شبه المجيء بالعذر بإلقاء الدلو في البئر للاستقاء به ، فيكون فيه تشبيه لذلك بالماء المرويّ للعطش.
وقوله تعالى :
القول في تأويل قوله تعالى :
(لا تُحَرِّكْ بِهِ لِسانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ (١٦) إِنَّ عَلَيْنا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ (١٧) فَإِذا قَرَأْناهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ (١٨) ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنا بَيانَهُ) (١٩)
(لا تُحَرِّكْ بِهِ لِسانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ) أي لا تحرك بالقرآن لسانك عند إلقاء الوحي ، لتأخذه على عجلة ، مخافة أن يتفلت منك. (إِنَّ عَلَيْنا جَمْعَهُ) أي في صدرك ، وإثبات حفظه في قلبك ، بحيث لا يذهب عليك منه شيء. (وَقُرْآنَهُ) أي أن تقرأه بعد فلا تنسى (فَإِذا قَرَأْناهُ) أي أتممنا قراءته عليك بلسان جبريل عليهالسلام ،