في جملتهم دخولا أوليا (ثُمَّ لَمْ يَتُوبُوا) أي عن كفرهم وفتنتهم (فَلَهُمْ عَذابُ جَهَنَّمَ وَلَهُمْ عَذابُ الْحَرِيقِ) أي عذابان منوّعان على الكفر وعلى الفتنة. أوهما واحد. أو من عطف الخاص على العام للمبالغة فيه. لأن عذاب جهنم بالزمهرير والإحراق وغيرهما. والأظهر أنهما واحد. وإنه من عطف التفسير والتوضيح.
القول في تأويل قوله تعالى :
(إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ ذلِكَ الْفَوْزُ الْكَبِيرُ) (١١)
(إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ) أي من هؤلاء المفتونين وغيرهم (لَهُمْ) أي في نشأتهم الأخرى (جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ ، ذلِكَ الْفَوْزُ الْكَبِيرُ) أي التام الذي لا فوز مثله.
القول في تأويل قوله تعالى :
(إِنَّ بَطْشَ رَبِّكَ لَشَدِيدٌ (١٢) إِنَّهُ هُوَ يُبْدِئُ وَيُعِيدُ (١٣) وَهُوَ الْغَفُورُ الْوَدُودُ (١٤) ذُو الْعَرْشِ الْمَجِيدُ (١٥) فَعَّالٌ لِما يُرِيدُ) (١٦)
(إِنَّ بَطْشَ رَبِّكَ لَشَدِيدٌ) قال أبو السعود : استئناف خوطب به النبيّ صلىاللهعليهوسلم ، إيذانا بأن لكفار قومه نصيبا موفورا من مضمونه ، كما ينبئ عنه التعرض لعنوان الربوبية ، مع الإضافة إلى ضميره عليه الصلاة والسلام. و (البطش) الأخذ بعنف. وحيث وصف بالشدة فقد تضاعف وتفاقم. وهو بطشه بالجبابرة والظلمة ، وأخذه إياهم بالعذاب والانتقام. كقوله تعالى : (وَكَذلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذا أَخَذَ الْقُرى وَهِيَ ظالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ) [هود : ١٠٢].
(إِنَّهُ هُوَ يُبْدِئُ وَيُعِيدُ) أي يبدئ الخلق ثم يعيده. قال الإمام : وهو في كل يوم يبدئ خلقا من نبات وحيوان وغيرهما. ثم إذا هلك أعاد الله خلقه مرة أخرى. ثم هو يعيد الناس في اليوم الآخر على النحو الذي يعلمه (وَهُوَ الْغَفُورُ) أي لمن يرجع إليه بالتوبة (الْوَدُودُ) أي المحب لمن أطاعه وأخلص له (ذُو الْعَرْشِ) أي الملك والسلطان أو السماء (الْمَجِيدُ) أي العظيم في ذاته وصفاته. وقرئ بالجر صفة للعرش. ومجده : علوه وعظمته (فَعَّالٌ لِما يُرِيدُ) أي لا يريد شيئا إلا فعله. فلا يحول بينه وبين مراده شيء. فمتى أراد إهلاك الجاحدين ونصر المخلصين ، فعل ، لأن له ملك السماوات والأرض. ولذا تأثره بقوله سبحانه :