القول في تأويل قوله تعالى :
(إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَعِيمٍ (١٧) فاكِهِينَ بِما آتاهُمْ رَبُّهُمْ وَوَقاهُمْ رَبُّهُمْ عَذابَ الْجَحِيمِ (١٨) كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئاً بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (١٩) مُتَّكِئِينَ عَلى سُرُرٍ مَصْفُوفَةٍ وَزَوَّجْناهُمْ بِحُورٍ عِينٍ) (٢٠)
(إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَعِيمٍ فاكِهِينَ بِما آتاهُمْ رَبُّهُمْ) أي متلذذين بما لديهم من الفواكه الكثيرة (وَوَقاهُمْ رَبُّهُمْ عَذابَ الْجَحِيمِ كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئاً بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ مُتَّكِئِينَ عَلى سُرُرٍ مَصْفُوفَةٍ وَزَوَّجْناهُمْ بِحُورٍ عِينٍ) جمع (عيناء) وهي الواسعة العين ، في حسن.
القول في تأويل قوله تعالى :
(وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمانٍ أَلْحَقْنا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَما أَلَتْناهُمْ مِنْ عَمَلِهِمْ مِنْ شَيْءٍ كُلُّ امْرِئٍ بِما كَسَبَ رَهِينٌ) (٢١)
(وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمانٍ) أي اقتفت آثارهم في الإيمان والعمل الصالح (أَلْحَقْنا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ) أي في الجنات والنعيم. والخطاب ، لما كان مع الصحابة رضي الله عنهم ، وهم واثقون بوعد الله ، تمم لهم البشارة بالموعود به ، بأنه ينال ذريتهم أيضا ، إن اتبعوا آباءهم بإحسان ، هذا هو المراد من الآية. وأما من قال في معناها : إن المؤمن ترفع له ذريته فيلحقون به ، إن كانوا دونه في العمل ، فلا تقتضيه الآية تصريحا ولا تلويحا (وَما أَلَتْناهُمْ مِنْ عَمَلِهِمْ مِنْ شَيْءٍ) أي وما نقصناهم من ثواب عملهم شيئا (كُلُّ امْرِئٍ بِما كَسَبَ رَهِينٌ) أي بما عمل من خير أو شر مرتهن به ، لا يؤاخذ أحد بذنب غيره ، وإنما يعاقب بذنب نفسه.
القول في تأويل قوله تعالى :
(وَأَمْدَدْناهُمْ بِفاكِهَةٍ وَلَحْمٍ مِمَّا يَشْتَهُونَ (٢٢) يَتَنازَعُونَ فِيها كَأْساً لا لَغْوٌ فِيها وَلا تَأْثِيمٌ (٢٣) وَيَطُوفُ عَلَيْهِمْ غِلْمانٌ لَهُمْ كَأَنَّهُمْ لُؤْلُؤٌ مَكْنُونٌ) (٢٤)
(وَأَمْدَدْناهُمْ بِفاكِهَةٍ وَلَحْمٍ مِمَّا يَشْتَهُونَ) أي زدناهم وقتا بعد وقت ، ما ذكر. (يَتَنازَعُونَ فِيها كَأْساً) أي يتعاطون فيها كأس الشراب ويتجاذبونها (لا لَغْوٌ فِيها وَلا تَأْثِيمٌ) أي لا يتكلمون في أثناء الشرب بسقط الحديث وباطله ، ولا يفعلون ما يؤثم