به فاعله ، كما كان في الدنيا. (وَيَطُوفُ عَلَيْهِمْ غِلْمانٌ لَهُمْ كَأَنَّهُمْ لُؤْلُؤٌ مَكْنُونٌ) أي مصون في كنّ ، فهو أنقى له ، وأصفى لبياضه.
القول في تأويل قوله تعالى :
(وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلى بَعْضٍ يَتَساءَلُونَ (٢٥) قالُوا إِنَّا كُنَّا قَبْلُ فِي أَهْلِنا مُشْفِقِينَ (٢٦) فَمَنَّ اللهُ عَلَيْنا وَوَقانا عَذابَ السَّمُومِ (٢٧) إِنَّا كُنَّا مِنْ قَبْلُ نَدْعُوهُ إِنَّهُ هُوَ الْبَرُّ الرَّحِيمُ) (٢٨)
(وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلى بَعْضٍ يَتَساءَلُونَ) أي يتجاذبون أطراف الأحاديث المفضية إلى شكر المنعم ، والتحدث بالنعمة ، وذلك في مساءلة بعضهم بعضا عما مضى لهم في الدنيا. (قالُوا إِنَّا كُنَّا قَبْلُ فِي أَهْلِنا مُشْفِقِينَ) أي خائفين من عذاب الله (فَمَنَّ اللهُ عَلَيْنا وَوَقانا عَذابَ السَّمُومِ) يعني : عذاب النار. وأصل (السّموم) الريح الحارة التي تدخل المسامّ ، فسميت بها نار جهنم ، لمشابهتها لها ، وإن كان وجه الشبه في النار أقوى ، لكنه في ريح السموم لمشاهدته في الدنيا ، أعرف. (إِنَّا كُنَّا مِنْ قَبْلُ نَدْعُوهُ) أي نعبده مخلصين له الدين (إِنَّهُ هُوَ الْبَرُّ) أي المحسن بمن دعاه (الرَّحِيمُ) أي لمن عبده وخافه بالهداية والتوفيق.
القول في تأويل قوله تعالى :
(فَذَكِّرْ فَما أَنْتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِكاهِنٍ وَلا مَجْنُونٍ) (٢٩)
(فَذَكِّرْ) أي من أرسلت إليهم وعظهم (فَما أَنْتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِكاهِنٍ) أي تتكهن فيما تدعو إليه (وَلا مَجْنُونٍ) أي له رئيّ من الجن يخبر عنه قومه ما أخبر عنه ، كما يعتقده العرب في بعضهم ، ولكنك رسول الله حقّا.
القول في تأويل قوله تعالى :
(أَمْ يَقُولُونَ شاعِرٌ نَتَرَبَّصُ بِهِ رَيْبَ الْمَنُونِ (٣٠) قُلْ تَرَبَّصُوا فَإِنِّي مَعَكُمْ مِنَ الْمُتَرَبِّصِينَ) (٣١)
(أَمْ يَقُولُونَ شاعِرٌ نَتَرَبَّصُ بِهِ رَيْبَ الْمَنُونِ) أي حوادث الدهر أو الموت ، لأن (المنون) قد يراد به الدهر ، وريبه صروفه. وقد يراد به الموت ، وريبه نزوله. (قُلْ تَرَبَّصُوا فَإِنِّي مَعَكُمْ مِنَ الْمُتَرَبِّصِينَ) أي : حتى يأتي أمر الله فيكم. والأمر للتهكم بهم والتهديد.