كيد عدوهم ، فزادوهم تشريفا وتعظيما ، فصاروا أئمة ديانين ، وقادة متبوعين. وصار أصحاب الفيل مثلا في الغابرين. وكان شأن الفيل رادعا لكل باغ ودافعا لك طاغ. وقد عاصر رسول الله صلىاللهعليهوسلم في زمن نبوته وبعد هجرته ، جماعة شاهدوا الفيل وطير الأبابيل. منهم حكيم بن حزام وحاطب بن عبد العزى ونوفل بن معاوية. لأن كل واحد من هؤلاء عاش مائة وعشرين سنة منها ستين سنة في الجاهلية وستين سنة في الإسلام ، انتهى.
الخامس : ورد في كثير من الأحاديث الصحيحة الإشارة إلى نبأ الفيل. روى البخاري (١) أن النبيّ صلىاللهعليهوسلم لما أظل يوم الحديبية على الثنية التي تهبط به على قريش ، بركت ناقته فزجروها فألحت فقالوا : خلأت القصواء ـ أي حرنت ـ فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : ما خلأت القصواء وما ذاك لها بخلق. ولكن حبسها حابس الفيل ، قال ابن الأثير في (النهاية) : هو فيل أبرهة الحبشي الذي جاء يقصد خراب الكعبة ، فحبس الله الفيل فلم يدخل الحرم. ورد رأسه راجعا من حيث جاء. يعني أن الله حبس ناقة النبيّ صلىاللهعليهوسلم لما وصل إلى الحديبية. فلم تتقدم ولم تدخل الحرم. لأنه أراد أن يدخل مكة بالمسلمين. وفي الصحيحين (٢) أيضا أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال يوم فتح مكة : إن الله حبس عن مكة الفيل وسلط عليها رسوله والمؤمنين. وإنه قد عادت حرمتها اليوم كحرمتها بالأمس. ألا فليبلغ الشاهد الغائب.
__________________
(١) أخرجه في : الشروط ، ١٥ ـ باب الشروط في الجهاد والمصالحة مع أهل الحرب ، حديث ٨٨١ ، ٨٨٢ عن المسور بن مخرمة ومروان.
(٢) أخرجه البخاري في : العلم ، ٣٩ ـ باب كتابة العلم ، حديث رقم ٩٦ عن أبي هريرة.
وأخرجه مسلم في : الحج ، حديث رقم ٤٤٧ و ٤٤٨.