قينته ، فيقول لها : أطعميه واسقيه وغنيه ، فهذا خير مما يدعوك إليه محمد صلىاللهعليهوسلم من الصلاة والصيام ، وأن تقاتل بين يديه. (١).
و (لَهْوَ الْحَدِيثِ) : باطله ، ويطلق على كل كلام يلهى القلب ، ويشغله عن طاعة الله ـ تعالى ـ ، كالغناء ، والملاهي ، وما يشبه ذلك مما يصد عن ذكر الله ـ تعالى ـ :
وقد فسره كثير من العلماء بالغناء ، والأفضل تفسيره بكل حديث لا يثمر خيرا.
و (مِنَ) في قوله (وَمِنَ النَّاسِ) للتبعيض ، أى : ومن الناس من يترك القول الذي ينفعه ، ويشترى الأحاديث الباطلة ، والخرافات الفاسدة.
قال القرطبي ما ملخصه : هذه إحدى الآيات التي استدل بها العلماء على كراهة الغناء والمنع منه. ولا يختلف في تحريم الغناء الذي يحرك النفوس ، ويبعثها على الغزل والمجون .. فأما ما سلّم من ذلك ، فيجوز القليل منه في أوقات الفرح ، كالعرس والعيد وعند التنشيط على الأعمال الشاقة ، كما كان في حفر الخندق .. (٢).
وقوله : (لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّخِذَها هُزُواً) .. تعليل لاشتراء لهو الحديث. والمراد بسبيل الله ـ تعالى ـ : دينه وطريقه الذي اختاره لعباده.
وقد قرأ الجمهور : (لِيُضِلَ) بضم الياء ـ أى : يشترى لهو الحديث ليضل غيره عن صراط الله المستقيم ، حالة كونه غير عالم بسوء عاقبة ما يفعله ، ولكي يتخذ آيات الله ـ تعالى ـ مادة لسخريته واستهزائه.
وقرأ ابن كثير وأبو عمرو (لِيُضِلَ) ـ بفتح الياء ـ فيكون المعنى : يشترى لهو الحديث ليزداد رسوخا في ضلاله.
قال صاحب الكشاف : فإن قلت : القراءة بالضم بينة ، لأن النضر كان غرضه باشتراء اللهو ، أن يصد الناس عن الدخول في الإسلام واستماع القرآن ، ويضلهم عنه ، فما معنى القراءة بالفتح؟.
قلت : فيه معنيان ، أحدهما : ليثبت على ضلاله الذي كان عليه ، ولا يصدف عنه ، ويزيد فيه ويمده ، فإن المخذول كان شديد الشكيمة في عداوة الدين وصد الناس عنه. والثاني : أن
__________________
(١) لباب النقول في أسباب النزول للسيوطي ص ١٧٢.
(٢) تفسير القرطبي ج ١٤ ص ٥٤ وراجع تفسير الآلوسى ج ٢١ ص ٦٧ وما بعدها.