مِنْ كُلِّ زَوْجٍ كَرِيمٍ (١٠) هذا خَلْقُ اللهِ فَأَرُونِي ما ذا خَلَقَ الَّذِينَ مِنْ دُونِهِ بَلِ الظَّالِمُونَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ)(١١)
أى : إن الذين آمنوا بالله ـ تعالى ـ إيمانا حقا ، وعملوا الأعمال الصالحات (لَهُمْ) في مقابلة ذلك (جَنَّاتُ النَّعِيمِ) أى : لهم جنات عالية يتنعمون فيها بما لا عين رأت ، ولا أذن سمعت ، ولا خطر على قلب بشر.
(خالِدِينَ فِيها) خلودا أبديا (وَعْدَ اللهِ حَقًّا) أى : هم خالدون في تلك الجنات خلودا أبدا ، فقد وعدهم ـ سبحانه ـ بذلك ، ووعده حق وصدق ، ولن يخلفه ـ سبحانه ـ تفضلا منه وكرما.
قال الجمل. وقوله (وَعْدَ) مصدر مؤكد لنفسه ، لأن قوله : (لَهُمْ جَنَّاتُ النَّعِيمِ) في معنى وعدهم الله ذلك. وقوله (حَقًّا) مصدر مؤكد لغيره. أى : لمضمون تلك الجملة الأولى وعاملهما مختلف ، فتقدير الأولى : وعد الله ذلك وعدا. وتقدير الثانية ، وحقه حقا. (١).
وقوله ـ تعالى ـ : (وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) أى : وهو ـ سبحانه ـ العزيز الذي لا يغلبه غالب. الحكيم في كل أفعاله وتصرفاته.
ثم بين ـ سبحانه ـ جانبا من مظاهر قدرته وعزته وحكمته فقال : (خَلَقَ السَّماواتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَها) ...
والعمد : جمع عماد. وهو ما تقام عليه القبة أو البيت. وجملة «ترونها» في محل نصب حال من السموات.
أى هو : ـ سبحانه ـ وحده ، الذي رفع هذه السموات الهائلة في صنعها وفي ضخامتها ، بغير مستند يسندها. وبغير أعمدة تعتمد عليها. وأنتم ترون ذلك بأعينكم بدون لبس أو خفاء. ولا شك أن خلقها على هذه الصورة من أكبر الأدلة على أن لهذا الكون خالقا مدبرا قادرا حكيما ، هو المستحق للعبادة والطاعة.
وقوله ـ تعالى ـ : (وَأَلْقى فِي الْأَرْضِ رَواسِيَ أَنْ تَمِيدَ بِكُمْ) بيان لنعمة ثانية مما أنعم به ـ سبحانه ـ على عباده.
والرواسي : جمع راسية. والمراد بها الجبال الشوامخ الثابتة.
__________________
(١) حاشية الجمل ج ٣ ص ٤٠١.