سبحانه ـ في آيات أخرى ، وإبطال التوارث عن طريق المؤاخاة التي تمت بعد الهجرة بين المهاجرين والأنصار.
قال ـ تعالى ـ : (النَّبِيُّ أَوْلى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ ، وَأَزْواجُهُ أُمَّهاتُهُمْ ، وَأُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ فِي كِتابِ اللهِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُهاجِرِينَ ، إِلَّا أَنْ تَفْعَلُوا إِلى أَوْلِيائِكُمْ مَعْرُوفاً ، كانَ ذلِكَ فِي الْكِتابِ مَسْطُوراً).
٥ ـ ثم وجه ـ سبحانه ـ نداء إلى المؤمنين ، ذكرهم فيه بجانب من نعمه عليهم ، حيث دفع عنهم جيوش الأحزاب ، وأرسل على تلك الجيوش جنودا من عنده لم يروها ، وكشف عن رذائل المنافقين التي ارتكبوها في تلك الغزوة ، ومدح المؤمنين الصادقين على وفائهم بعهودهم ، وكافأهم على ذلك بأن أورثهم أرض أعدائهم وديارهم.
قال ـ تعالى ـ : (وَرَدَّ اللهُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِغَيْظِهِمْ لَمْ يَنالُوا خَيْراً ، وَكَفَى اللهُ الْمُؤْمِنِينَ الْقِتالَ. وَكانَ اللهُ قَوِيًّا عَزِيزاً. وَأَنْزَلَ الَّذِينَ ظاهَرُوهُمْ مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ مِنْ صَياصِيهِمْ. وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ ، فَرِيقاً تَقْتُلُونَ وَتَأْسِرُونَ فَرِيقاً. وَأَوْرَثَكُمْ أَرْضَهُمْ وَدِيارَهُمْ وَأَمْوالَهُمْ وَأَرْضاً لَمْ تَطَؤُها وَكانَ اللهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيراً).
وبعد هذا الحديث المفصل عن غزوة الأحزاب ، والذي استغرق ما يقرب من عشرين آية ، انتقلت السورة الكريمة إلى الحديث عن أزواج النبي صلىاللهعليهوسلم فأمرت النبي صلىاللهعليهوسلم أن يخيرهن بين التسريح بإحسان ، وبين الصبر على شظف العيش ، ليظفرن برضا الله ـ تعالى ـ كما وجهت نداء إليهن أمرتهن فيه ، بالتزام الآداب الدينية التي تليق بهن. لأنهن في مكان القدوة لسائر النساء.
كما أمرتهن بالبقاء في بيوتهن ، فلا يخرجن لغير حاجة مشروعة. ومثلهن في ذلك مثل سائر نساء المسلمين. حتى يتفرغن لرعاية شئون بيوتهن التي هي من خصائصهن وليست من خصائص الرجال.
ثم ختم ـ سبحانه ـ تلك التوجيهات الحكيمة ببيان الثواب الجزيل الذي أعده للمؤمنين والمؤمنات ، فقال ـ تعالى ـ : (إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِماتِ. وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ. وَالْقانِتِينَ وَالْقانِتاتِ وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقاتِ ، وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِراتِ وَالْخاشِعِينَ وَالْخاشِعاتِ. وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقاتِ وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِماتِ وَالْحافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحافِظاتِ. وَالذَّاكِرِينَ اللهَ كَثِيراً وَالذَّاكِراتِ. أَعَدَّ اللهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً).
٧ ـ ثم أشارت السورة بعد ذلك إلى قصة زواج النبي صلىاللهعليهوسلم بالسيدة زينب بنت جحش. وإلى الحكمة من ذلك. وإلى تطليق زيد بن حارثة لها. وإلى أن ما فعله