وقوله : (تَبَرَّجْنَ) مأخوذ من البرج ـ بفتح الباء والراء ـ وهو سعة العين وحسنها ، ومنه قولهم : سفينة برجاء ، أى : متسعة ولا غطاء عليها.
والمراد به هنا : إظهار ما ينبغي ستره من جسد المرأة ، مع التكلف والتصنع في ذلك.
والجاهلية الأولى ، بمعنى المتقدمة ، إذ يقال لكل متقدم ومتقدمة : أول وأولى.
أو المراد بها : الجاهلية الجهلاء التي كانت ترتكب فيها الفواحش بدون تحرج.
وقد فسروها بتفسيرات متعددة ، منها : قول مجاهد : كانت المرأة تخرج فتمشى بين يدي الرجال ، فذلك تبرج الجاهلية.
ومنها قول قتادة : كانت المرأة في الجاهلية تمشى مشية فيها تكسر.
ومنها قول مقاتل : والتبرج : أنها تلقى الخمار على رأسها ، ولا تشده فيواري قلائدها وعنقها.
ويبدو لنا أن التبرج المنهي عنه في الآية الكريمة ، يشمل كل ذلك ، كما يشمل كل فعل تفعله المرأة ، ويكون هذا الفعل متنافيا مع آداب الإسلام وتشريعاته.
والمعنى : الزمن يا نساء النبي بيوتكن ، فلا تخرجن إلا لحاجة مشروعة ، وإذا خرجتن فاخرجن في لباس الحشمة والوقار ، ولا تبدى إحداكن شيئا أمرها الله ـ تعالى ـ بستره وإخفائه ، واحذرن التشبيه بنساء أهل الجاهلية الأولى ، حيث كن يفعلن ما يثير شهوة الرجال ، ويلفت أنظارهم إليهن.
ثم أتبع ـ سبحانه ـ هذا النهى بما يجعلهن على صلة طيبة بخالقهن ـ عزوجل ـ فقال : (وَأَقِمْنَ الصَّلاةَ) أى : داومن على إقامتها في أوقاتها بخشوع وإخلاص. (وَآتِينَ الزَّكاةَ) التي فرضها الله ـ تعالى ـ عليكن. وخص ـ سبحانه ـ هاتين الفريضتين بالذكر من بين سائر الفرائض ، لأنهما أساس العبادات البدنية والمالية.
(وَأَطِعْنَ اللهَ وَرَسُولَهُ) أى ؛ في كل ما تأتين وتتركن ، لا سيما فيما أمرتن به ، ونهيتن عنه.
وقوله : (إِنَّما يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً) تعليل لما أمرن به من طاعات ، ولما نهين عنه من سيئات.
والرجس في الأصل : يطلق على كل شيء مستقذر. وأريد به هنا : الذنوب والآثام وما يشبه ذلك من النقائص والأدناس.
وقوله (أَهْلَ الْبَيْتِ) منصوب على النداء ، أو على المدح. ويدخل في أهل البيت هنا