الله ـ تعالى ـ ورسوله صلىاللهعليهوسلم فلا يتصور منهما ذلك.
وجمع ـ سبحانه ـ في ذمهم بين البهتان والإثم المبين ، للدلالة على فظاعة ما ارتكبوه في حق المؤمنين والمؤمنات ، إذ البهتان هو الكذب الصريح الذي لا تقبله العقول ، بل يحيرها ويدهشها لشدته وبعده عن الحقيقة.
والإثم المبين : هو الذنب العظيم الظاهر البين ، الذي لا يخفى قبحه على أحد.
روى ابن أبى حاتم عن عائشة قالت : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم لأصحابه : «أى الربا أربى عند الله؟.
قالوا : الله ورسوله أعلم. قال : أربى الربا عند الله ، استحلال عرض امرئ مسلم» ثم قرأ صلىاللهعليهوسلم هذه الآية (١).
ثم أمر الله ـ تعالى ـ رسوله صلىاللهعليهوسلم أن يأمر أزواجه وبناته ونساء المؤمنين عامة ، بالاحتشام والتستر في ملابسهن فقال ـ تعالى ـ : (يا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْواجِكَ وَبَناتِكَ وَنِساءِ الْمُؤْمِنِينَ ، يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ.) ...
قال الآلوسى : روى عن غير واحد أنه كانت الحرة والأمة ، تخرجان ليلا لقضاء الحاجة في الغيطان وبين النخيل ، من غير تمييز بين الحرائر والإماء ، وكان في المدينة فساق يتعرضون للإماء ، وربما تعرضوا للحرائر ، فإذا قيل لهم قالوا : حسبناهن إماء ، فأمرت الحرائر أن يخالفن الإماء في الزي والتستر فلا يطمع فيهن .. (٢).
وقوله : (يُدْنِينَ) من الإدناء بمعنى التقريب ، ولتضمنه معنى السدل والإرخاء عدّى بعلى. وهو جواب للأمر ، كما في قوله ـ تعالى ـ : (قُلْ لِعِبادِيَ الَّذِينَ آمَنُوا يُقِيمُوا الصَّلاةَ.) ...
والجلابيب : جمع جلباب ، وهو ثوب يستر جميع البدن ، تلبسه المرأة ، فوق ثيابها.
والمعنى : يا أيها النبي قل لأزواجك اللائي في عصمتك ، وقل لبناتك اللائي هن من نسلك ، وقل لنساء المؤمنين كافة ، قل لهن : إذا ما خرجن لقضاء حاجتهن ، فعليهن أن يسدلن الجلابيب عليهن ، حتى يسترن أجسامهن سترا تاما ، من رءوسهن إلى أقدامهن ، زيادة في التستر والاحتشام ، وبعدا عن مكان التهمة والريبة.
قالت أم سلمة ـ رضى الله عنها ـ : لما نزلت هذه الآية ، خرج نساء الأنصار كأن على رءوسهن الغربان من السكينة وعليهن أكسية سود يلبسنها.
__________________
(١) تفسير ابن كثير ج ٦ ص ٤٧٠.
(٢) تفسير الآلوسى ج ٢٢ ص ٨٨.