٦ ـ ثم ساقت السورة بعد ذلك بأسلوب تلقيني ألوانا من الأدلة على وحدانية الله ـ تعالى ـ وقدرته ، وعلى وجوب إخلاص العبادة له.
نرى ذلك في قوله ـ تعالى ـ : (قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِ اللهِ ، لا يَمْلِكُونَ مِثْقالَ ذَرَّةٍ فِي السَّماواتِ وَلا فِي الْأَرْضِ) ..
وفي قوله ـ تعالى ـ : (قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ).
وفي قوله ـ عزوجل ـ : (قُلْ أَرُونِيَ الَّذِينَ أَلْحَقْتُمْ بِهِ شُرَكاءَ ، كَلَّا بَلْ هُوَ اللهُ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ).
٧ ـ ثم تنتقل السورة الكريمة إلى الحديث عن وظيفة الرسول صلىاللهعليهوسلم (وَما أَرْسَلْناكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ بَشِيراً وَنَذِيراً).
وعن أحوال الكافرين السيئة عند ما يقفون أمام ربهم للحساب ، وكيف أن كل فريق منهم يلقى التبعة على غيره (وَلَوْ تَرى إِذِ الظَّالِمُونَ مَوْقُوفُونَ عِنْدَ رَبِّهِمْ ، يَرْجِعُ بَعْضُهُمْ إِلى بَعْضٍ الْقَوْلَ ، يَقُولُ الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا لَوْ لا أَنْتُمْ لَكُنَّا مُؤْمِنِينَ. قالَ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا لِلَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا أَنَحْنُ صَدَدْناكُمْ عَنِ الْهُدى بَعْدَ إِذْ جاءَكُمْ ، بَلْ كُنْتُمْ مُجْرِمِينَ).
٨ ـ ثم ترد السورة الكريمة على أولئك المترفين ، الذين زعموا أن أموالهم وأولادهم ستنفعهم يوم القيامة ، فتقرر أن ما ينفع يوم القيامة إنما هو الإيمان والعمل الصالح ، وأن الله ـ تعالى ـ هو صاحب الإعطاء والمنع والإغناء والإفقار.
قال ـ تعالى ـ : (وَقالُوا نَحْنُ أَكْثَرُ أَمْوالاً وَأَوْلاداً وَما نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ ، قُلْ إِنَّ رَبِّي يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشاءُ وَيَقْدِرُ ، وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ. وَما أَمْوالُكُمْ وَلا أَوْلادُكُمْ بِالَّتِي تُقَرِّبُكُمْ عِنْدَنا زُلْفى ، إِلَّا مَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صالِحاً ، فَأُولئِكَ لَهُمْ جَزاءُ الضِّعْفِ بِما عَمِلُوا ، وَهُمْ فِي الْغُرُفاتِ آمِنُونَ).
٩ ـ وبعد أن ساقت السورة ما ساقت من شبهات المشركين حول دعوة الرسول صلىاللهعليهوسلم وردت عليهم بما يزيد المؤمنين ثباتا على ثباتهم ، ويقينا على يقينهم ، أتبعت ذلك بدعوة هؤلاء الكافرين إلى التفكير والتدبر على انفراد ، في شأن دعوة هذا الرسول الكريم الذي يدعوهم إلى الحق ، لعل هذا التفكر يهديهم إلى الرشد.
قال ـ تعالى ـ : (قُلْ إِنَّما أَعِظُكُمْ بِواحِدَةٍ ، أَنْ تَقُومُوا لِلَّهِ مَثْنى وَفُرادى ثُمَّ تَتَفَكَّرُوا ما بِصاحِبِكُمْ مِنْ جِنَّةٍ ، إِنْ هُوَ إِلَّا نَذِيرٌ لَكُمْ بَيْنَ يَدَيْ عَذابٍ شَدِيدٍ).