الإيمان به (لَهُمْ عَذابٌ شَدِيدٌ) بسبب كفرهم وفسوقهم عن أمر خالقهم ـ عزوجل ـ واتباعهم للشيطان ..
(وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا) الأعمال (الصَّالِحاتِ لَهُمْ) من ربهم (مَغْفِرَةٌ) عظيمة (وَأَجْرٌ كَبِيرٌ) لا يعلم مقداره إلا الله ـ تعالى ـ.
ثم بين ـ سبحانه ـ الفرق الشاسع بين المؤمن والكافر ، والمطيع ، والعاصي ، فقال : (أَفَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ فَرَآهُ حَسَناً) ...
والاستفهام للإنكار. و «من» موصولة في موضع رفع على الابتداء. والجملة بعدها صلتها ، والخبر محذوف لدلالة الكلام عليه ، و (زُيِّنَ) من التزيين بمعنى التحسين. وقوله (سُوءُ عَمَلِهِ) أى : عمله السيئ ، فهو من إضافة الصفة إلى الموصوف.
والمعنى : أفمن زين له الشيطان عمله السيئ ، فرآه حسنا ، كمن ليس كذلك؟ كلا إنهما لا يستويان في عرف أى عاقل ، فإن الشخص الذي ارتكب الأفعال القبيحة التي زينها له الشيطان ، أو نفسه الأمارة بالسوء ، أو هواه .. مصيره إلى الشقاء والتعاسة.
أما الشخص الذي خالف الشيطان ، والنفس الأمارة بالسوء ، والهوى المردى .. فمصيره إلى السعادة والفلاح.
وقد صرح ـ سبحانه ـ بالأمرين في آيات منها قوله ـ تعالى ـ (أَفَمَنْ كانَ عَلى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ ، كَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ وَاتَّبَعُوا أَهْواءَهُمْ)؟
وجملة (فَإِنَّ اللهَ يُضِلُّ مَنْ يَشاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشاءُ) تعليل لسببية التزيين لرؤية القبيح حسنا ..
أى : هؤلاء الذين يعملون الأعمال السيئة ، وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا ، لا قدرة لك على هدايتهم ـ أيها الرسول الكريم ـ فإن الله ـ تعالى ـ وحده ، هو الذي يضل من يشاء إضلاله ، ويهدى من يشاء هدايته.
والفاء في قوله ـ تعالى ـ : (فَلا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَراتٍ) للتفريع. والحسرات جمعه حسرة ، وهي أشد ما يعترى الإنسان من ندم على أمر قد مضى وانتهى والجار والمجرور «عليهم» متعلق بقوله «حسرات».
أى : إذا كان الأمر كما أخبرناك ـ أيها الرسول الكريم ـ فامض في طريقك وبلغ رسالة ربك ، ومن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر ، ولا تهلك نفسك هما وغما وحزنا من أجل هؤلاء الذين أعرضوا عن الحق ، واعتنقوا الباطل ، وظنوا أنهم بذلك يحسنون صنعا ..