ثم ختم ـ سبحانه ـ الآية الكريمة بما يزيد في تسليته صلىاللهعليهوسلم فقال : (وَإِلَى اللهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ).
أى : وإلى الله ـ تعالى ـ وحده ترجع أمور الناس وأحوالهم وأعمالهم وأقوالهم. وسيجازى ـ سبحانه ـ الذين أساءوا بما عملوا ، وسيجازى الذين أحسنوا بالحسنى.
ثم وجه ـ سبحانه ـ نداء ثانيا إلى الناس. بين لهم فيه أن البعث حق ، وأن من الواجب عليهم أن يستعدوا لاستقبال هذا اليوم بالإيمان والعمل الصالح فقال ـ تعالى ـ (يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ وَعْدَ اللهِ حَقٌّ.) ...
أى : إن ما وعدكم الله ـ تعالى ـ به من البعث والحساب والثواب والعقاب ، حق لا ريب فيه ، وما دام الأمر كذلك ، (فَلا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَياةُ الدُّنْيا) أى : فلا تخدعنكم بمتعها ، وشهواتها ، ولذائذها ، فإنها إلى زوال وفناء ، ولا تشغلنكم هذه الحياة الدنيا من أداء ما كلفكم ـ سبحانه ـ بأدائه من فرائض وتكاليف.
(وَلا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللهِ الْغَرُورُ) أى : ولا يخدعنكم عن طاعة ربكم ، ومالك أمركم (الْغَرُورُ).
أى : الشيطان المبالغ في خداعكم ، وفي صرفكم عن كل ما هو خير وبر.
فالمراد بالغرور هنا : الشيطان الذي أقسم بالأيمان المغلظة ، بأنه لن يكف عن إغواء بنى آدم ، وعن تزيين الشرور والآثام لهم.
فالمقصود بالآية الكريمة تذكير الناس بيوم القيامة وما فيه من أهوال. وتحذيرهم من اتباع خطوات الشيطان ، فإنه لا يأمر إلا بالفحشاء والمنكر.
ثم أكد ـ سبحانه ـ هذا التحذير بقوله : (إِنَّ الشَّيْطانَ لَكُمْ عَدُوٌّ) يا بنى آدم ، عداوة قديمة وباقية إلى يوم القيامة.
وما دام الأمر كذلك (فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا) أى : فاتخذوه أنتم عدوا لكم في عقائدكم. وفي عباداتكم. وفي كل أحوالكم ، بأن تخالفوا وسوسته وهمزاته وخطواته ..
وقوله : (إِنَّما يَدْعُوا حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحابِ السَّعِيرِ) تقرير وتأكيد لهذه العداوة.
أى : اتخذوا ـ يا بنى آدم ـ الشيطان عدوا لكم ، لأنه لا يدعو أتباعه ومن هم من حزبه إلى خير أبدا ، وإنما يدعوهم الى العقائد الباطلة. والأقوال الفاسدة ، والأفعال القبيحة التي تجعلهم يوم القيامة من أهل النار الشديدة الاشتعال ..
ثم بين ـ سبحانه ـ أقسام الناس يوم القيامة فقال : (الَّذِينَ كَفَرُوا) بكل ما يجب