وَلا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللهِ الْغَرُورُ (٥) إِنَّ الشَّيْطانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا إِنَّما يَدْعُوا حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحابِ السَّعِيرِ (٦) الَّذِينَ كَفَرُوا لَهُمْ عَذابٌ شَدِيدٌ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ (٧) أَفَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ فَرَآهُ حَسَناً فَإِنَّ اللهَ يُضِلُّ مَنْ يَشاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشاءُ فَلا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَراتٍ إِنَّ اللهَ عَلِيمٌ بِما يَصْنَعُونَ)(٨)
قال الآلوسى : قوله : (وَإِنْ يُكَذِّبُوكَ فَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ) تسلية له صلىاللهعليهوسلم بعموم البلية ، والوعد له صلىاللهعليهوسلم والوعيد لأعدائه.
والمعنى : وإن استمروا على أن يكذبوك فيما بلغت إليهم من الحق المبين .. فتأس بأولئك الرسل في الصبر ، فقد كذبهم قومهم فصبروا على تكذيبهم. فجملة (فَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ) قائمة مقام جواب الشرط ، والجواب في الحقيقة تأس. وأقيمت تلك الجملة مقامه ، اكتفاء بذكر السبب عن ذكر المسبب .. (١).
وجاء لفظ الرسل بصيغة التنكير ، للإشعار بكثرة عددهم ، وسمو منزلتهم.
أى : وإن يكذبك ـ أيها الرسول الكريم ـ قومك ، فلا تحزن ، ولا تبتئس ، فإن إخوانك من الأنبياء الذين سبقوك ، قد كذبهم أقوامهم ، فأنت لست بدعا في ذلك.
ومن الآيات الكثيرة التي وردت في هذا المعنى قوله ـ تعالى ـ : (ما يُقالُ لَكَ إِلَّا ما قَدْ قِيلَ لِلرُّسُلِ مِنْ قَبْلِكَ) .. (٢).
وقوله ـ عزوجل ـ : (وَلَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ فَصَبَرُوا عَلى ما كُذِّبُوا وَأُوذُوا حَتَّى أَتاهُمْ نَصْرُنا وَلا مُبَدِّلَ لِكَلِماتِ اللهِ) .. (٣).
__________________
(١) تفسير الآلوسى ج ٢٢ ص ١٦٧.
(٢) سورة فصلت الآية ٤٣.
(٣) سورة الأنعام الآية ٣٤.