وقال بعض العلماء : وفي الآية دليل قرآنى واضح على بطلان دعوى بعض العلماء من أن اللؤلؤ والمرجان ، لا يستخرجان إلا من البحر الملح خاصة» (١).
وقوله ـ تعالى ـ (وَتَرَى الْفُلْكَ فِيهِ مَواخِرَ) بيان لنعمة ثالثة من نعمه ـ تعالى ـ عن طريق وجود البحار في الأرض.
وأصل المخر : الشق. يقال مخرت السفينة البحر إذا شقته وسارت بين أمواجه ، ومخر الماء الأرض إذا شقها.
أى : وترى ـ أيها العاقل ـ ببصرك السفن في كل من البحرين (مَواخِرَ) أى تشق الماء بمقدماتها ، وتسرع السير فيه من جهة إلى جهة ..
والضمير في قوله (فِيهِ) يعود إلى البحر الملح ، لأن أمر الفلك فيه أعظم من أمرها في البحر العذب ، وإن كانت السفن تجرى في البحرين.
ويجوز أن يكون الضمير في قوله (فِيهِ) يعود إلى جنس البحر. أى : وترى السفن تشق كل بحر ، لتسير فيه من مكان إلى مكان ..
واللام في قوله ـ تعالى ـ : (لِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) متعلقة بمحذوف دل عليه الكلام السابق.
أى : أوجدنا البحرين ، وسخرناهما لمنفعتكم ، لتطلبوا أرزاقكم فيهما ، وهذه الأرزاق هي من فضل الله ـ تعالى ـ عليكم ، ومن رحمته بكم ، ولعلكم بعد ذلك تشكروننا على آلائنا ونعمنا ، فإن من شكرنا زدناه من خيرنا وعطائنا.
ثم بين ـ سبحانه ـ نعما أخرى تتجلى في الليل وفي النهار ، وفي الشمس والقمر ، فقال : (يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهارِ ، وَيُولِجُ النَّهارَ فِي اللَّيْلِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لِأَجَلٍ مُسَمًّى) ..
أى : ومن مظاهر فضله عليكم ، ورحمته بكم ، أنه أوجد لكم الليل والنهار بهذا النظام البديع ، بأن أدخل أحدهما في الآخر ، وجعلهما متعاقبين ، مع زيادة أحدهما عن الآخر في الزمان ، على حسب اختلاف المطالع ، والمغارب ، وأوجد ـ أيضا ـ بفضله ورحمته الشمس والقمر لمنفعتكم ، وكل واحد منهما يسير بنظام بديع محكم ، إلى الأجل والوقت الذي حدده الله ـ تعالى ـ لانتهاء عمر هذه الدنيا ..
__________________
(١) اضواء البيان ج ٦ ص ٦٤٠ للشيخ الشنقيطى ـ رحمهالله ـ.