والإشارة في قوله : (ذلِكُمُ اللهُ رَبُّكُمْ لَهُ الْمُلْكُ.) .. تعود إلى الخالق والموجد لتلك الكائنات العجيبة البديعة ، وهو الله ـ عزوجل ـ.
أى : ذلكم الذي أوجد كل هذه المخلوقات لمنفعتكم ، هو الله ـ تعالى ـ ربكم وهو وحده الذي له ملك هذا الكون ، لا يشاركه فيه مشارك ، ولا ينازعه في ملكيته منازع (وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ) أى : والذين تعبدونهم من دون الله ـ تعالى ـ ، وتصفونهم بأنهم آلهة.
(ما يَمْلِكُونَ مِنْ قِطْمِيرٍ) والقطمير : القشرة البيضاء الرقيقة الملتفة على النواة.
أو هو النقطة في ظهر النواة ، ويضرب مثلا لأقل شيء وأحقره.
أى : والذين تعبدونهم من دون الله ـ تعالى ـ لا يملكون معه ـ سبحانه ـ شيئا ، ولو كان هذا الشيء في نهاية القلة والحقارة والصغر ، كالنكتة التي تكون في ظهر النواة.
ثم أكد ـ سبحانه ـ هذا المعنى وقرره فقال : (إِنْ تَدْعُوهُمْ لا يَسْمَعُوا دُعاءَكُمْ.) ...
أى : إن هذه المعبودات الباطلة لا تملك من شيء مع الله ـ تعالى ـ ، بدليل أنكم إن تدعوهم لنفعكم ، لن يسمعوا دعاءكم ، وإن تستغيثوا بهم عند المصائب والنوائب ، لن يلبوا استغاثتكم ..
(وَلَوْ سَمِعُوا) على سبيل الفرض والتقدير (مَا اسْتَجابُوا لَكُمْ) لأنهم لا قدرة لهم على هذه الاستجابة لعجزهم عن ذلك.
(وَيَوْمَ الْقِيامَةِ) الذي تتجلى فيه الحقائق ، وتنكشف الأمور (يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ).
أى : يتبرءون من عبادتكم لهم ، ومن إشراككم إياهم العبادة مع الله ـ تعالى ـ ، فضلا عن عدم استجابتهم لكم إذا دعوتموهم لنصرتكم.
(وَلا يُنَبِّئُكَ) أى : ولا يخبرك بهذه الحقائق التي لا تقبل الشك أو الريب.
(مِثْلُ خَبِيرٍ) أى : مثل من هو خبير بأحوال النفوس وبظواهرها وببواطنها. وهو الله ـ عزوجل ـ ، فإنه ـ سبحانه ـ هو الذي يعلم السر وأخفى.
وبهذا نرى الآيات الكريمة ، قد طوفت بنا في أرجاء هذا الكون ، وساقت لنا ألوانا من نعم الله ـ تعالى ـ على الناس ، كالرياح ، والسحاب ، والأمطار والبحار ، والليل والنهار ، والشمس والقمر ... وهي نعم تدل على وحدانية المنعم بها ، وعلى قدرته ـ عزوجل ـ وفي كل ذلك هداية إلى الحق لكل عبد منيب.
ثم وجه ـ سبحانه ـ نداء ثالثا إلى الناس ، نبههم فيه إلى فقرهم إليه ـ سبحانه ـ ، وإلى غناه عنهم ، وإلى مسئولية كل إنسان عن نفسه ، وإلى وظيفة الرسول صلىاللهعليهوسلم الذي