الناحية الاولى : دعوى ذهاب كلّ العلماء من متأخّري المتأخّرين ـ وفيهم الاحتياطيّون والمجتهدون ـ الى البراءة والأمن عن العقاب على فعل شيء مجهول الحكم ، أي : لم يرد فيه دليل عقليّ أو نقليّ على تحريمه.
وهذه الدعوى إنّما هي تنفع بعد إبطال أدلّة الاحتياطيّين عقلا ونقلا ، والمسلّم بطلانها على ما يأتي.
الناحية الثانية : دعوى إجماع جميع العلماء من المتقدّمين والمتأخّرين على أنّ ما يشكّ فيه من حيث الحرمة ولم يرد على تحريمه دليل يجوز ارتكابه ، ولا يجب الاحتياط فيه.
وبالإمكان تحصيل هذا النحو من الإجماع من :
١ ـ ملاحظة كلمات العلماء في كتبهم من مباحث الفقه واصوله وفتاواهم من زمن الكلينيّ والمفيد والصدوقين والسيّدين والشيخ الطوسيّ وغيرهم من المشايخ فإنّ اللائح منها عدم وجوب الاحتياط في المسألة.
٢ ـ ملاحظة الإجماعات المنقولة والشهرات المحقّقة من تتّبع كلمات الأصحاب المتضمّنة لدعوى اعتقاد الإمامية وأهل مذهبهم ، واتّفاق المحصّلين والمحقّقين الباحثين عن مآخذ الشريعة ، وإطباق العلماء على أصل البراءة فيما شكّ في حكمه ولم يرد فيه نصّ.
٣ ـ ملاحظة سيرة المسلمين ، فإنّهم بعد الفحص وعدم وجدانهم الدليل على حكم شيء بانون على عدم وجوب الاجتناب عنه ، وبمجرّد احتمال ورود النهي عنه من الشرع لا يعتنون به ، وهذا إجماع عمليّ منهم كاشف عن رضا