وفي التوحيد في العبادة ربط باللانهائي واللامحدود ، الذي هو مصدر كل عطاء ، فما على الفكر من حرج إذن ، إذا انطلق ليتصل بالمحدود ليقوم بالإنجاز الكبير بحجم الحياة كلها. هذا كله بالإضافة إلى إخراج الإنسان من حالة الانعزال والانفصال إلى حالة التواصل والتعاون والمشاركة ، والفهم العميق لهذه المشاركة.
إن الذي يطالع تشريعات الإسلام وأحكامه يجد : أنه يريد أن يصوغ الفرد بطريقة تجعله صالحا لأن يكون لبنة في بناء المجتمع الكبير ، ولا بد لأجل تحقيق هذا الهدف من تحقيق حالة التناسق والانسجام مع سائر اللبنات التي لا بد لكل منها بحسب موقعها ، وما يتطلبه الوضع الهندسي للبناء ككل من أن تتخلى هي وتفرض على مشاركاتها أن تتخلى أيضا عن كثير من المزايا الفردية التي لو لا ذلك لتركت على طبيعتها.
ويكون التعويض غير المباشر عن تلك الخصائص والمزايا الفردية هو اكتساب كل المزايا والاستفادة من كل القدرات والطاقات الجماعية ، التي تنعكس قوة للفرد ، وطاقة له ، ولكن بطريقة أخرى ، وبأسلوب آخر ، وهذا ما يؤكد أن للعبادة التي لها دور رئيس في صياغة مزايا الفرد ، لا بد أن توضع في القالب الجماعي ، لتصوغ تلك المزايا في حالة من التوازن والانسجام ، لتنشأ متخذة بصورة عفوية الشكل الهندسي المطلوب. وليس من الضروري ، بل ليس من الحكمة أن تنشأ هذه المزايا بصورة