بل هي هداية بعد هداية تزيد وتتسع باستمرار ، تبعا لما يستجد للإنسان من معارف ، وتنفتح أمامه من آفاق. ويواجهه من أمور جديدة تحتاج إلى حل ، وإلى استكناه حقيقتها ، والانسياب في آفاقها.
وذلك على حد قوله تعالى : (وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زادَهُمْ هُدىً). فإن المعرفة كلما اتسعت ، كلما زادت معرفة الإنسان بحجم المجهولات التي يحتاج إلى كشفها. وكثرت الألغاز التي تحتاج منه إلى حل ، فإن الخير يوصل بعضه إلى بعض ، ويهدي بعضه إلى بعض ، كما ويشد بعضه أزر بعض.
ولا يختص ذلك بالأنبياء ، ما دام أن عبادات الإنسان ، والتزامه بأحكام الله من الأوامر والزواجر له آثاره عليه ، فتصقل روحه ، وفكره وعقله وتجربته ؛ وتزيد من طاقاته ، وتهيؤه لنيل مراتب أعلى وأرقى.
وبالوصول إليها ، والحصول عليها يكتسب المزيد ، فيوظفه لنيل موقع جديد من مواقع القرب والزلفى له تعالى ، ويصبح أقدر على مواجهة نفسه ، وصدها عن شهواتها ، ثم مواجهة المغريات والمشكلات بعزم أشد ، وقدرات أعظم.