ونقول :
إن الحقيقة قد تكون عكس ذلك ، أي قد تكون جريمة النصارى أعظم وأخطر من جريمة اليهود ، إذا عرفنا : أن النصارى أيضا قد رأوا الحق وأعرضوا عنه ، وعاندوه. ثم قاموا بدور الإضلال للناس بصورة ذكية وخفية.
أما اليهود ، فإنهم قد ضلوا عن الحق ، وهم يعرفون. ثم ارتكبوا الجرائم والموبقات. فهم ضالون ومجرمون. فلا بد من الحذر مرة من ضلالهم الظاهر ، ومن إجرامهم المفضوح ، أما النصارى فلا بد من الحذر منهم ألف مرة ، لأنهم ينساقون وراء أهوائهم ، ويعملون على إضلال الناس بصورة ذكية وماكرة. وقد نجحوا في ذلك ، قال تعالى : (لا تَتَّبِعُوا أَهْواءَ قَوْمٍ قَدْ ضَلُّوا مِنْ قَبْلُ ، وَأَضَلُّوا كَثِيراً ، وَضَلُّوا عَنْ سَواءِ السَّبِيلِ) وقال : (الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوباً عِنْدَهُمْ فِي التَّوْراةِ وَالْإِنْجِيلِ) (١٦٤).
فهم إذن يعرفون الحق ، ولكنهم يتبعون أهواءهم ، ويضلون الناس أيضا. وليست القضية مجرد ضلال ناشئ عن تقصير ، قد لا يكون له هذا المستوى من الخطورة والقبح.
__________________
(١٦٤) سورة الأعراف. الآية ١٥٧.