(وَمِنْ رَحْمَتِهِ جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) (٦١).
فالله سبحانه قد تحدث إذن عن التوحيد بما له مساس بواقع الإنسان الذي يعيشه ويحس به ، ويتفاعل معه بمشاعره وأحاسيسه لا بطريقة تجريدية ونظرية أو بصورة طرح معادلات فكرية جافة.
وفي سورة الحمد يريد تعالى أن يطرح قضية التوحيد من موقع التعريف بصفاته تعالى ، والإحساس المباشر بآثار تلك الصفات ، ثم سوق هذا الإنسان للإحساس بمدى تأثيره تعالى في كل جهات الحياة ، وفي جميع مفرداتها ، وفي كل الموجودات في هذا الكون الرحيب ، مع الحرص الأكيد على أن يخرجه عن أن يبقى مجرد أمر تصوري ، تجريدي ونظري ؛ ليصبح شأنا حياتيا حيا مؤثرا ، يفهمه الإنسان ، ويتلمسه بوجدانه ، ويتحسسه بمشاعره ، من خلال إحساسه بالنعمة الغامرة ، وبالعطاء ، وبآثار الرحمة ، والعلم والغفران ، والحكمة الإلهية ، وغير ذلك من صفاته تعالى. التي يتلمس الإنسان آثارها في كل آن على مدار اللحظات ، فضلا عن الساعات ، في نفسه ، وفي كل ما يحيط به ، وفي كل الموجودات.
__________________
(٦١) سورة القصص ، الآيات ٧١ و ٧٢ و ٧٣.