إلى ذلك من صفات ألوهية ، تعني مزيدا من الإحساس بالبون الشاسع ، فيما بين هذا الإنسان الضعيف ، العاجز ، المحتاج ، الخ .. وبين ذلك الإله الخالق العظيم ، وقد يتحول هذا الإحساس بالبون ـ بصورة لا شعورية ـ إلى إحساس بالبعد عنه ، وبانقطاع العلاقات والروابط معه أيا كانت (٩٠).
ولأجل ذلك نلمح مزيدا من الإصرار في الآيات القرآنية على تجسيد العلاقة بين الله وبين العباد ، كواقع حي ، يتلمسه هذا الإنسان بأحاسيسه الظاهرة قبل الباطنة. في كل حين ، وفي كل مجال.
كما أن ثمة تركيزا واضحا على تكوين شعور قوي وعميق بربوبيته سبحانه لهذا الإنسان ، ورفقه به ، ورعايته له من موقع
__________________
(٩٠) وقد تجلت سلبيات هذا الشعور حين تحول إلى انحراف فكري خطير جدا حين قالت بعض الفرق : إن الله قد كتب ما كان وما يكون إلى يوم القيامة ، ولم يعد قادرا على أي عمل ، ولا يستطيع التدخل لتغيير أي شيء بل هو محكوم بقدره مغلول اليد ، كما قالت اليهود : (يَدُ اللهِ مَغْلُولَةٌ ، غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُوا بِما قالُوا).
فهو تعالى قد أوجد الخلق وانته دوره ، وبطل تأثيره. فلم تعد النظرة إليه من المخلوقين ـ على أساس هذه النظرة المنحرفة ـ من موقع الحاجة. ولم يعد لصفاته تأثير. فتعطلت وانتهت وبطل مفعولها. ولم يعد الكريم ، والرحيم ، والعطوف ، ووالخ ..