.................................................................................................
______________________________________________________
واخرى لا يكون المعنى له هذه النسبة ، بل تكون نسبته الى الخارج نسبة العنوان الى المعنون ، ويكون الموجود في الخارج معنون ذلك العنوان لا نفسه. والمعنى الحرفي من قبيل الثاني ، لا الاول ، لان مدلول لفظ (من) أو (في) هو النسبة الواقعة بين المبتدأ به وهو السير ، والمبتدأ من عنده وهو البصرة ، والنسبة الواقعة بين الظرف وهو الكوز ، والمظروف وهو الماء ، وليس مدلول (من) و (في) مفهوم الابتداء ومفهوم الظرفية حتى يكون الفرق بينهما بالاستقلالية والآلية ، وحيث ان مدلول الحرف هو النسبة وهي بذاتها وماهيتها تعلقيّة ، ولا يعقل تصور ماهيتها إلّا بالطرفين. فاذا ماهيتها وذاتها تعلقية وليس حالها حال العرض الذي يحتاج في وجوده لا في ماهيته الى الغير ، فانهم قسموا الموجود الى اربعة اقسام :
ـ الموجود في نفسه ، بنفسه : وهو الواجب (١).
ـ الموجود في نفسه ، بنفسه ، لغيره : وهو الموجود الجوهري (٢).
ـ الموجود في نفسه ، بغيره : وهو العرض (٣).
ـ الموجود لا في نفسه ، في غيره ، لغيره : وهو الوجود الرابط ، كوجود النسب التي هي المعاني الحرفية.
ولا يخفى أن ما ليس له ماهية يمكن تصورها بنفسها لا يكون له طبيعي نسبته اليه نسبة الطبيعي الى الفرد ، بل يكون له دائما عنوان يمكن ان يرى بذلك العنوان ، لوضوح ان الطبيعي هو الذي يمكن لحاظه بنفسه من دون أي فرد من افراده. والمعنى الحرفي لا يعقل فيه ذلك ، لانه ان لم يتصور طرفاه لا يمكن ان تحصل ذاته ، لانها بحقيقتها امر تعلقي ، وان تصور الطرفان كان جزئيا ذهنيا ، بل لانه ليس له طبيعي عام يكون نسبته اليه نسبة الطبيعي والفرد ، بل المتصور دائما عنوانه والموضوع له المعنون.
واتضح ايضا : ان سعة المعنى الحرفي وحقيقته انما هو بحسب طرفيه ، فربما يكون له افراد متعددة ، وربما لا يكون له الّا فرد واحد ، ولعل هذا مراد من قال : ان المعنى الحرفي جزئي اضافي.
__________________
(١) الاولى ان يقال : الموجود في نفسه ، لنفسه ، بنفسه : وهو الواجب.
(٢) وكذلك : الموجود في نفسه ، لنفسه ، بغيره : وهو الموجود الجوهري.
(٣) ومثله الموجود في نفسه ، لغيره ، بغيره : وهو العرض.