التاسع ـ انه اختلفوا في ثبوت الحقيقة الشرعية ، وعدمه على أقوال.
وقبل الخوض في تحقيق الحال ، لا بأس بتمهيد مقال ، وهو : ان الوضع التعييني كما يحصل بالتصريح بانشائه ، كذلك يحصل باستعمال اللفظ في غير ما وضع له ، كما اذا وضع له بأن يقصد الحكاية عنه (١) والدلالة عليه
______________________________________________________
واما التضمين ، فهو ايضا من انواع الاستعمالات الحقيقية ، فان التضمين هو ان يكون المعنى الموضوع له اللفظ قد حصل بسبب غير سببه العادي ، كالمخالفة لما امر به المولى فانها على الغالب السبب في حصولها هو الشهوات وعدم ملائمة المأمور به المكلف ، وربما يكون السبب فيها هو اعراض العبد عن مولاه ، وحيث ان الاعراض يتعدى بعن فيعدون المخالفة بعن للدلالة على ذلك ، والّا فالمخالفة تتعدى بنفسها ، كما في قوله تعالى : (الَّذِينَ يُخالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ)(١) ، فالمخالفة في الآية الكريمة قد استعملت في معناه ولم تستعمل في معنى الاعراض ، ولكن التضمين وان كان من انواع الاستعمالات الحقيقية الّا انه لا يصار اليه الّا بقرينة ، لان غير الغالب في الاستعمالات يحتاج الى دليل وقرينة.
واما التخصيص ، فقد ذهب بعض المحققين المتأخرين : ان العام اذا اريد به الخاص لم يكن مستعملا في الخاص ، بل هو مستعمل في العام دائما وان اريد به الخاص ، لان التخصيص يتعلق بالارادة اللبية الجدية ، لا بالارادة الاستعمالية. وسيأتي تحقيقه في مبحث العام والخاص ان شاء الله.
(١) لا يخفى انه لا بد من بيان امور تمهيدا للمقام :
الاول : ان محل الكلام في الحقيقة الشرعية ، هل هي خصوص الماهيات المخترعة ، او الأعم منها ، فان الالفاظ المستعملة في لسان الشارع وقد رتب عليها احكامه على اقسام :
__________________
(١) النور : الآية ٦٣.