السابع ـ لا يخفى ان تبادر المعنى من اللفظ وانسباقه الى الذهن من نفسه ، وبلا قرينة علامة كونه حقيقية فيه ، بداهة انه لو لا وضعه له لما تبادر (١).
لا يقال : كيف يكون علامة مع توقفه على العلم بأنه موضوع له كما هو واضح. فلو كان العلم به موقوفا عليه لدار (٢).
فانه يقال : الموقوف عليه غير الموقوف عليه ، فان العلم التفصيلي بكونه موضوعا له موقوف على التبادر ، وهو موقوف على العلم الاجمالي الارتكازي به لا التفصيلي ، فلا دور. هذا اذا كان المراد به التبادر عند المستعلم.
______________________________________________________
(١) قد ذكر للحقيقة علامات :
منها ، تنصيص علماء اللغة : وهو يتوقف على حجية قول اللغوي ، وسيأتي الحق فيه عند التعرض له في مباحث الظن.
ومنها ، التبادر : وهو انسباق المعنى الى الذهن من حاق اللفظ من دون قرينة ، ولا شك انه من علائم الحقيقة ، لأن انسباق المعنى من اللفظ ينحصر في امرين : اما الوضع له ، او لاستعمال اللفظ فيه مجازا وبالقرينة ، وحيث فرض انه لا قرينة ، فلا بد وان يكون للعلم بالوضع.
(٢) حاصله : لا اشكال في ان التبادر يتوقف على العلم بالوضع ، وإلّا لحصل لعامة الناس ، ولا شبهة انه لا يحصل التبادر في لغة العرب لغير العربي ، كما لا يحصل للعربي في اللغات الاخرى ، حيث لم يكن من اهل اللغة ايضا.
فاتضح : ان التبادر يتوقف على العلم بالوضع ، فاذا كان متوقفا على العلم بالوضع فكيف يكون علامة على العلم بالوضع ، فان جعله من علائم الحقيقة معناه ان يكون التبادر موجبا للعلم بالوضع وان اللفظ حقيقة في المعنى ، فما كان معلولا للعلم بالوضع كيف يكون علة للعلم بالوضع. وهل هذا إلا دور واضح؟.