الجهة الثالثة : لا يبعد كون لفظ الامر حقيقة في الوجوب ، لانسباقه عنه عند إطلاقه ، ويؤيده قوله تعالى : (فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ) وقوله : صلىاللهعليهوسلم (لو لا أن أشق على أمتي لامرتهم بالسواك) وقوله : صلىاللهعليهوسلم لبريرة بعد قولها : أتأمرني يا رسول الله (لا ، بل إنما أنا شافع) إلى غير ذلك ، وصحة الاحتجاج على العبد ومؤاخذته بمجرد مخالفة أمره ،
______________________________________________________
في اطلاق الامر حقيقة على طلب السافل المستعلي انما ذكر مورد الاطلاق الامر في تلك الحال ، إلّا ان غرض المستدل الاستدلال بنفس التقبيح على كون الاستعلاء كافيا في صدق الامر. والدليل على خروج التقبيح عن الاستدلال انه :
اولا : ان الاستدلال انما يكون لصحة الاطلاق وعدمه ونفس التقبيح اجنبي عن الاطلاقات اللفظية.
وثانيا : انه لو فرضنا انه لا تقبيح للعقلاء على ذلك ، فالاستدلال يتم ايضا لو صح الاطلاق مع استعلاء السافل.
واتضح مما ذكرنا ايضا ان جواب المصنف عن التقبيح انه انما كان على استعلاء السافل الذي لا ينبغي منه الاستعلاء على العالي عليه ، وليس على نفس امر السافل المستعلي لانه اجنبي عن مورد استدلال المستدل ، لما عرفت : من ان استدلاله كان بالاطلاق في مورد التقبيح لا بالتقبيح.
ثم لا يخفى ايضا بعد ان عرفت ان الاستعلاء لم يؤخذ مفهوما لما وضع له لفظ الامر لا شرطا للعلو الواقعي ولا عدلا له تعرف بطلان القول الثالث : وهو دعوى ان المقوم لصدق الامر هو الاستعلاء فقط ، لوضوح ان لازم هذا القول انه لا يصدق الامر على طلب العالي واقعا المستخفض لجناحه ، وانه مع الاستعلاء من السافل على العالي يصدق الامر على طلبه ، وقد تبين ان الامر يصدق على طلب العالي المستخفض لجناحه وانه لا يصدق على طلب السافل المستعلي.