السادس ـ لا وجه لتوهم وضع للمركبات غير وضع المفردات ، ضرورة عدم الحاجة اليه بعد وضعها بموادها في مثل (زيد قائم) و (ضرب عمرو بكرا) شخصيا ، وبهيئاتها المخصوصة من خصوص اعرابها نوعيا ، ومنها خصوص هيئات المركبات الموضوعة لخصوصيات النسب والاضافات بمزاياها الخاصة ، من تأكيد وحصر وغيرهما ، نوعيا ، بداهة ان وضعها كذلك واف بتمام المقصود منها ـ كما لا يخفى ـ من غير حاجة
______________________________________________________
نعم يلزم كون الوضع عاما والموضوع له خاصا ، وليس في الالتزام به كثير بأس ، فانه يلتزم به القائل بالتعهد ايضا.
واما ما يدعى : من قيام الوجدان على دلالة اللفظ على المعنى ، وإن حصل ممن لا شعور له ، ولا قصد فممنوع : بان هذا ليس من الدلالة ، بل السبب في استيناس الذهن بحصول المعنى عنده لاجل تكرار استعمال اللفظ فيه ، لا دلالة عليه.
فالدلالة حقيقة : هي كون اللفظ مقصودا به المعنى ، اما حكاية ، او إنشاء ، بل ولو عبثا فهي من شئون الاستعمال ومختصاته ، فحيث لا قصد ولا استعمال لا دلالة.
وربما يؤكد كلام العلمين : بانه لو كان الوضع هو اعتبار العلقة بين اللفظ والمعنى من دون تقييد اصلا ، وانه تكون للفظ دلالة ولو حصل من جماد ، او حيوان ، فيكون لذات اللفظ بعد الجعل والاعتبار دلالة على ذات المعنى ، ولو لم يوجد من متكلم به ومستعمل له ، للزم على هذا ان تكون للفظ دلالتان اذا استعمل في غير ما وضع له : احداهما : دلالته الذاتية على المعنى غير المنوطة باستعمال مستعمل ، بل هو امر من لوازم نفس وجود اللفظ ، والثانية : دلالته على المعنى الذي قصده المستعمل وجعل اللفظ وجودا تنزيليا له ، ومبرزا له.
الّا انه يمكن ان يقال : إن الواضع لم يعتبر للفظ مطلق الملازمة ، بل قيد الدلالة بما اذا لم يقصد به غير المعنى الموضوع له.